الخبر المنشور أمس في جريدة (الرياضية) حول ضبط محاسب تابع للرئاسة العامة لرعاية الشباب كان يرافق بعثة المنتخب الأولمبي لكرة القدم زوّر توقيعات واختلس مبلغاً ناهز 160 ألف ريال، وأن تحقيقات الرئاسة انتهت إلى تحويله إلى هيئة التحقيق والادعاء العام يدخل الساحة الرياضية في نفق صعب يتعلق بمصير المال الرياضي العام الذي تتدفق فيه مئات الملايين سنوياً. لم يكن سراً أبداً في يوم من الأيام الحديث عن شبهات فساد في بعض المنظومات الرياضية، وإن كان ذلك الحديث لا يتم التطرق له بوضوح على الصعيد الإعلامي الرسمي، لكنه كان على الدوام مثار حديث الرياضيين في ملتقياتهم، إذ يتحدثون عن ترسيات مشبوهة لمشروعات، وتلاعب في عقود، والعبث في ميزانيات ومخصصات، وترتيب لانتدابات وهمية، واتفاقات مع وكلاء وسماسرة ومتعهدين من تحت الطاولة لمضاعفة أسعار المعسكرات واللاعبين والمدربين، وغير ذلك الكثير مما يدخل في سياق التلاعب بالمال العام. تلك الأحاديث وإن كانت بمثابة قطب الرحى في الأحاديث الرياضية إلا أنه في معظمها لم تكن مبنية على مستمسكات وإثباتات كأدلة مادية أو قرائن قاطعة، وإنما كانت تبنى على تسريبات كلامية، ومقاربات واقعية، وتخمينات شخصية مع ما يتم الوقوف عليه من وقائع مشاهدة أو من خلال تواتر تلك الاتهامات، أو عبر الاختلالات الإدارية والمالية التي تحدث في هذه المنظومة أو تلك، والتي تتسبب في إشاعة روائح الفساد إلى مستوى لا يخطئه أنف. الأعوام كانت تمر والأيام ظلت تطوى من دون أن تتم معالجة شيء من تلك الحال، وكانت آمال الرياضيين قد تحطمت على صخرة الواقع سواء مع تدخل مجلس الشورى ومناقشاته المعلنة لرعاية الشباب في بعض التفاصيل الدقيقة المتعلقة ببعض بنود ميزانياتها والتصعيد الذي حدث جراء ذلك ببيانات منشورة صحفياً، أو حتى بعد تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" في العام 2011 إذ تعلقت آمالهم بحبالها، لاسيما مع انفتاحها على الشأن الرياضي، لكن تلك الآمال لاتزال منتظرة، وهو ما زاد من مرارة الواقع خصوصاً مع تدفق مئات الملايين سنوياً على المنظومة الرياضية في كافة قطاعاتها. القلق يكبر والمخاوف تتضخم في الساحة الرياضية من التلاعب في مقدرات الوطن، وحقوق الشباب في ظل ما يتم رصده من ميزانيات ضخمة في هذه الجهة أو تلك، وما يتم الوقوف عليه من فشل على مستوى النتائج، وعجز كبير في الميزانيات هنا، ومديونيات متضخمة هناك، واتهامات في هذه المؤسسة الرياضية، وطعن في تلك، وتحقيقات تجري، ولجان تشكل، وبيانات تتلى، وإدارات تسقط، وأخرى تعين، وكل ذلك بسبب وقائع مالية بعضها معلن وبعضها غير ذلك حيث يندرج تحت وما خفي أعظم؛ لكن حتى اللحظة لم يتم تبديد تلك الهواجس. حادثة محاسب رعاية الشباب بأحداثها الراهنة وما ستنتهي إليه ربما تكون بمثابة الضارة النافعة؛ فقد تؤدي إلى الإمساك بزمام الخيط الذي يساعد في الوصول إلى تجاوزات مماثلة وقضايا أخرى مشابهة، وترفع من مستوى الشفافية والتحرز، وتسهم في ضرب كل ما قد يؤدي إلى الإضرار بالمال العام، خصوصا وأن سحابة القلق باتت تكبر يوماً بعد آخر ويخشى أن تأتي اللحظة التي تمطر فيها بما لا نتمناه، وواقعة الفساد التي زلزلت أركان (الفيفا) ليست عنا ببعيدة.