×
محافظة المنطقة الشرقية

الفتح يخوض ثاني ودياته أمام شبيبة القبائل الجزائري

صورة الخبر

رغم «طوفان» النفايات الذي يجتاح بيروت في واحد من أكثر المشاهد مأسوية على المستوييْن السياسي والبيئي، فإن الواقع اللبناني برمّته يقف على عتبة سيناريوات غامضة مع العدّ التنازُلي لاختبار الثلاثاء المقبل، موعد الاجتماع الذي ربما يكون الأخير لحكومة «ربْط النزاع» بين طرفيْ الصراع، 8 و14 آذار، مع مضيّ رئيسها تمام سلام في إشهار ورقة الاستقالة على طريقة «آخر الدواء الكيّ»، في معرض رفْضه لعملية ابتزازه من «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون الذي يضع الحكومة امام معادلة: إما إذعانها لشروطه او تعطيل عملها. وثمة مَن يعتقد في بيروت ان سلام، الذي أبدى فائضاً من الحرص على إدارة حكومته التي ورثت صلاحيات رئيس الجمهورية على مدى اكثر من عام من الشغور الرئاسي بروح التوافق الوطني، لن يسمح بإحراجه لإخراجه لحسابات تتصل بالمناورات السياسية في البلاد او بتحويل حكومته «صندوقة» لرسائل إقليمية، وتالياً فانه لن يتردد في قلب الطاولة بعد غد اذا استشعر بوجود توطؤات من شأنها المس بصلاحياته وبالعمل الحكومة في آن. واللافت انه رغم إعلان جميع مكوّنات الحكومة الحرص على استمرارها وعدم المجازفة بإسقاطها، فان أوساطاً متابعة لاحظة مجموعة من الوقائع التي تَشابكت وفاقمت الأزمة وقرّبتها من حافة الهاوية وأبرزها: * تقديم «حزب الله» تحالفه مع العماد عون على التزامه ضمان تسهيل عمل الحكومة التي جاءت في ولادتها نتيجة «مهادنة» اقليمية واستمرّت بفعل قرار خارجي كير بمنْع انزلاق لبنان الى الانكشاف المؤسساتي الكامل. فبالرغم من الايحاءات المكتومة للحزب بأنه محرَج في مماشاة عون، فإن تغطيته المسار التعطيلي لزعيم «التيار الحر» ساهم عملياً في تعميق المأزق. * نجاح «حزب الله» في إقناع رئيس البرلمان نبيه بري بالحاجة الى فرْملة اندفاعته الهجومية على عون والدفاعية عن الحكومة، وهو ما ظهر أخيراً بانكفاء لافت لبري عن المشهد رغم ربْط البعض ذلك بسفره الى خارج لبنان، وسط كلام عن مقايضات بين زعيم «التيار الحر» ورئيس البرلمان ترتبط بالنفط والتشريع. وجاءت أزمة النفايات التي حوّلت شوارع بيروت وأزقتها مكباً لـ «تصبّ الزيت على نار» شعور سلام بالسخط والاستياء من التعطيل الممنهج لحكومته، وخصوصاً وسط «روائح» اصطفافات مناطقية فاحت من الكارثة البيئية - الصحية غير المسبوقة التي تضرب العاصمة وجبل لبنان وتكاد ان تفرز ما يشبه «فيديرالية نفايات» ظهّرت تخلياً فاضحاً عن بيروت المتروكة لتغرق في أطنان من النفايات التي باتت صورها المقززة تتصدّر وسائل الإعلام العالمية و«تستوطن» مواقع التواصل الاجتماعي. ذلك ان ملف النفايات بات يُحرِج رئيس الحكومة الذي استشعر بتنصل الجميع من مسؤولياتهم حيال الحاجة الى ايجاد حلول طارئة وبأن ثمة مَن يرمي هذه الكرة اللاهبة في ملعب وزير البيئة محمد المشنوق القريب منه والذي تُرك وحيداً في مواجهة أزمة معقّدة تضرب بيروت، معقل زعامة رئيس الحكومة، والتي صارت نهاراتها مجرّد مكبات عشوائية يتجنّبها المواطنون الذين لم يعودوا يجدون حرجاً في استخدام الكمامات، اما لياليها فـ «ساخنة» مع قطع الطرق احتجاجاً وحرق فوضوي لمستوعبات النفايات تفادياً لاستجلابها الحشرات والقوارض وقطع الطريق على تخمُّرها نتيجة الحرارة المرتفعة. والأكثر غرابة في هذا العنوان الفضائحي، ان المعالجات لا تبدو انها وصلت الى خواتيم حاسمة ولا سيما بالنسبة الى بيروت وسط استمرار «استجدائها» قبول مناطق أخرى باستقبال نفاياتها في ظل قطع الأمل من إمكان معاودة فتح «مطمر الناعمة» ونفْض غالبية المناطق يدها من ايجاد اي بدائل يجري البحث عنها ولا سيما في صيدا وعكار وسط صعوبات كبيرة في إقناع الأخيرة بـ «نجدة» بيروت بحجة ان هذه المنطقة المحرومة لا يتم تذكُّرها الا في «الملفات الوسخة». وعلى وقع ايحاءات بأن النائب وليد جنبلاط كان قدّم وعوداً بتمديد العمل في «مطمر الناعمة» الى حين الانتهاء من المناقصات العائدة للمناطق الخدماتية من ضمن الخطة الوطنية الشاملة لادارة ومعالجة النفايات الصلبة في لبنان، شدّد جنبلاط على ان «خيار تمديد الطمر في مطمر الناعمة بات خارج التداول»، لافتا إلى ان «أياً من المعنيين لم يراجعه أو يتفاوض معه في إعادة فتح مطمر الناعمة - عين درافيل»، مجدِّداً اقتراحه بضرورة الاستفادة من منطقتي برج حمود وخلدة لطمر نفايات العاصمة بيروت والضواحي. وتبعاً لذلك، تبدو مشكلة النفايات مرشّحة للتفاقم إلا اذا نجحت الاتصالات في تأمين مخارج سريعة تقي الشارع المزيد من ردات الفعل الغاضبة التي كانت عبّرت عن نفسها ليل الجمعة - السبت برمي الحاويات في وسط شوارع السوديكو وتقاطع بشارة الخوري - البسطة وكورنيش المزرعة وبئر حسن، وذلك قبل ان تنفذ مجموعة من الناشطين اعتصاماً عصر امس امام السراي الحكومية في وسط بيروت احتجاجاً على استمرار أزمة النفايات من دون إيجاد حل لها. ومجمل هذا المناخ المحتدم، سيرخي بثقله على جلسة الحكومة الثلاثاء التي ستحمل كل عناصر التأزم الناجم عن ملف النفايات كما معضلة آلية العمل الحكومية في ظل تمسُّك عون بحقّ الوزراء في مشاركة رئيس الحكومة في تقرير بنود جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء والاعتراض على كل الجدول، وهو ما يعتبره سلام مساساً بصلاحيات رئيس الحكومة، اضافة الى إصرار «التيار الحر» على صيغة التوافق الإجماعي على القرارات، الأمر الذي يعتبره رئيس الوزراء وصْفة لشلّ عمل الحكومة وتحويله حارساً لجمهورية معطّلة. ومع العدّ العكسي للجلسة المفصلية، تقاطعت المعلومات عند ان رئيس الحكومة يتعاطى مع الواقع على قاعدة ان «الأحمر ضوّا» وانه لا يمكن ان يسلّم بلعبة التعطيل الممنْهج او يغطي مساراً مريباً، ولا سيما في ظلّ الغليان الشعبي «على نار» أزمة النفايات التي تشكّل في أحد وجوهها محاولة لفرض حالة من العجز على الحكومة.