×
محافظة المنطقة الشرقية

الاتفاق النووي.. «صفقة رديئة جداً»

صورة الخبر

يستغرب الكثيرون كيف ينجح تنظيم إرهابي مثل "داعش" في استقطاب الشباب وصغار السن إليه من مختلف بقاع العالم، فآلة التجنيد المفزعة التي يستعملها تنظيم "داعش" الإرهابي تركز على تلك الفئة تحديداً من صغار السن لسهولة استقطابهم وسهولة استمالتهم، وذلك لما يتمتع به أولئك الشباب غالباً من اندفاع وحماسة مقرونة بجهل كبير في تعاليم الدين مما يوقعهم فريسة سهلة في يد التكفيريين "جند الخلافة المزعومة". يلجؤون بدعاية كاذبة للتقليل من دور العلماء وحصر الفتوى فيهم فقط وللجماعات المتطرفة عموماً عدة مسالك أو مداخل لعقول الشباب تجعل منهم قنابل موقوتة وخناجر مغروسة في خاصرة الأوطان، لعل أبرزها وأسهلها الحكم بالتكفير والردة على غالبية عناصر المجتمع، وهذا ما يجعل الأبن يقتل أباه – الكافر بزعمه -، وهذا ما يجعل ابن الأخت يقتل خاله وينتحر بعد ذلك كما علمته داعش، دون مراعاة لأبسط معاني الإنسانية فضلاً عن المعاني والتعاليم الإسلامية التي تحرم قتل النفس المحرمة إلا بالحق. الوعد الإلهي بالنصر والتمكين للفرقة الناجية يقودهم للاعتقاد بمبدأ قدسية الخليفة المداخل والمسالك لعقول الشباب التركيز على مبدأ الفرقة الناجية هو أسلوب من أساليب المتطرفين في جذب الشباب وأحد المداخل التي يلجأ لها المتطرفون في تجنيد الشباب واستقطابهم، فباستخدام حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" يصورون لمن يريدون استقطابه أنهم الفرقة الناجية بنص حديث الرسول الكريم، ومن يخالفهم هم من الثلاثة والسبعين فرقة التي بالنار، فهم كفار، دمائهم حلال وأموالهم حلال، فبالتالي يجوز قتلهم، والبداية المثلى تكون من آل بيت الشخص وأقرب أقربائه. الوصول لمعركة الخلاص الأخير ونهاية العالم هدف لجميع الحركات المتطرفة والمسلك الثاني للجماعات المتطرفة لعقول الشباب هو الحكم بغير ما أنزل الله، فيزعم أولئك أن جميع الدول الإسلامية تستند إلى قوانين وأحكام وضعية ليست مما أنزل الله، مستشهدين بأدلة قرآنية ومن أحاديث السنة النبوية وينزلونها في غير منازلها، مشككين أيضاً في نزاهة ومصداقية كل المشايخ والعلماء الفضلاء الذين يعملون بمناصب في الدولة، إما قضاة في المحاكم وإما أعضاء في هيئات الإفتاء وصولاً إلى المفتي العام للدولة، ويرون أن عملهم ذلك مدعاة للانتقاص، ويطلقون عليهم لقب علماء السلطان وذلك هو المسلك الثالث. والتشكيك في العلماء هو هدف بعيد المدى، فإن كان العلماء المعتبرين علماء سلطان فلم يتبق إلا المتطرفون أمثالهم علماء ربانيون، وكذا يأخذ الشباب فتواه منهم فقط كونهم علماء ربانيون ويتجاهلون فتاوى العلماء المعتبرين لأنهم علماء سلطان كما صور لهم، فلا غرابة حينئذ أن نشاهد من يقتل أباه بدم بارد أو يقتل خاله ويفجر نفسه منتحراً. دار الكفر ودار الإيمان والوعد الإلهي بعدما صنفت الجماعات المتطرفة المجتمع بكافة أطيافه، وحكمت بالردة والكفر على غالبية أفراد المجتمع، وقالت إن الدولة تحكم بغير ما أنزل الله، وشككت في نزاهة ومصداقية العلماء والمشايخ الفضلاء ووصفتهم بعلماء السلطان، وتبيان أنهم الفرقة الناجية وأنهم الوحيدون القابضون على دينهم كالقابضين على الجمر، لم يتبق إلا أن يصنفوا مجتمعهم بدار كفر والتي يجب الخروج منها لدار الإسلام، وذلكم هو المدخل الرابع من مداخل الجماعات المتطرفة على عقول الشباب، فإن كان المجتمع كافراً ويحكمون بغير ما أنزل الله، والعلماء علماء سلطان فيجب على أتباع الفرقة الناجية الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان. والخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان مرتبط دائماً بوعد إلهي، فإن قالوا أنهم خرجوا للجهاد فقد وعد الله المجاهدين بالنصر والتمكين، وهو المسلك الخامس للجماعات المتطرفة، فتلك الجماعات بعدما أقنعت الشباب بكل ما سبق، أقنعتهم كذلك أن الله وعد الفرقة الناجية، التي تحكم بما أنزل الله، والتي علماؤها علماء ربانيون، المقيمون بدار الإيمان، وعهدهم بالنصر والتمكين، فالشاب لن يخرج ليقتل في حروب كافرة، بل سينصرون وسيمكنون وسينشئون دولة، وذلك ما دعا تنظيم "داعش" الإرهابي أن يسمي نفسه بالدولة، رغم أنهم أشبه بقطاع الطرق والعصابات الإجرامية المنظمة، ولكن لتنفيذ خططهم يجب أن يكون هناك دولة مؤمنة يحكمها خليفة. أستاذية وقدسية الخليفة وفكرة الخلاص وعبر التدرج من خلال كل ما سبق يجب الوصول للهدف الأسمى وهو أستاذية الحاكم، وهو المدخل الأخير الذين يطبعون به على عقول من يتبعهم، فعلماء الدولة وخليفتها لا يناقش ولا يجادل، فهو العالم الأوحد وهو في منزلة المرشد الأعلى، فلا كلام فوق كلامه ورأي بعد رأيه، يريدون من ذلك تطبيق مقولة "أطفئ مصباح عقلك واتبعني"، وهي عبارة كانت ترددها الكنيسة لأتباعها في القرون الوسطى، وذلك هو أساس التطرف وما أغرق القارة العجوز في عصور الظلام، في وقت كانت فيه جارتها المسلمة "الأندلس" تعيش أزهى عصورها، والغرض من ذلك الوصول لفكرة الخلاص كما أخبرت به السنة النبوية في أحاديث آخر الزمان. والباحث في شؤون تلك الجماعات المتطرفة بمختلف مسمياتها في عالمنا العربي والإسلامي يجد أن تلك المسالك والمداخل شبة موحدة، وهي التي يستخدمها الآن تنظيم "داعش" الإرهابي، كما استخدمها من قبله تنظيم "القاعدة" وصولاً للخلاص النهائي، بل حتى الحركات الفردية التي سبقت القاعدة وداعش، فحركة "جهيمان العتيبي" كانت تبحث عن فكرة الخلاص باستعجال خروج المهدي ومبايعته عند الكعبة بين الركن والمقام، فيخرج عليهم جند يخسف بهم، وينزل المسيح المنتظر ويحاربون اليهود في فلسطين، ويكونون ضمن الجند الذي هو خير جند الله، وذلك نفس فكر "داعش" الذين ينتظرون قتال الروم بدابق في معركة الخلاص الأخير.