لم يعد غريباً أن تجد أحدهم يجلس إلى جوارك وعينيه لاتكاد تفارق جواله فتراه مع كل نغمة يصدرها جواله يضحك مرة ويقطب جبينه مرة أخرى ، وكل هذه التصرفات لم تعد خافية على جيل اليوم فالكل يعرف أن قروبات الواتس آب أصبحت بمثابة الإدمان الذي يمارسه الإنسان بكل جوارحه السمعية والبصرية والحسية ويحرص على استخدامه بكل لذة واستمتاع. وقد لا أكون مبالغاً إذا قلت بأن حياتنا اليوم أصبحت كالبيوت بلا أبواب فنغمات الواتس آب المتلاحقة وتعدد القروبات في أجهزتنا المحمولة جعلتنا نعيش في دوامة مستمرة لاتكاد تنتهي وأصبحنا نتعرض لكميات هائلة من الرسائل المتعددة ذات المضامين المختلفة والأهداف والغايات المتنوعة والتي قد تكون مفيدة أحياناً وسيئة في أحيانٍ أخرى . لقد خلقت هذه القروبات تكتلات وتجمعات متشعبة ومتشابكة في نفس الوقت فهناك قروبات لأفراد العائلة الواحدة وهناك قروبات أصدقاء العمل وأصدقاء الاستراحة وغيرها ، وأصبح كل قروب من هذه القروبات يحتم عليك أن تتلبس شخصية معينة وأن تتعامل مع أفراد كل قروب بطريقة مختلفة عن الآخر ، وربما أن هذا الأمر قد لايكون غريباً فنحن نعيش في مجتمع يتصف غالبية أفراده بازدواجية التعامل . وبغض النظرعن المحادثات الشخصية والدردشات المعتادة التي تتم عبر هذه القروبات فإن الشيء المزعج في هذه القروبات هو نوعية الرسائل التي نتعرض لها بشكل مستمر وبشكل مكثف والتي لاتعدو أن تكون خليطاً من الأفكار الغريبة والأخبار المفبركة والصور غير المحتشمة ومقاطع الفيديو ذات المشاهد العنيفة إضافة إلى ماتحتويه بعض مضامين الرسائل من الأخبار المضللة والإشاعات المغرضة . لقد أصبحت هذه القروبات أحد مكونات حياتنا الأساسية وجزءً مهماً في شبكة علاقتنا بالآخرين من حولنا بل لقد أصبح الشخص الذي لايملك تطبيقاً للواتس آب في جهازه المحمول رجعياً ومتخلفاً في نظر الآخرين . وما استطيع أن أقوله في نهاية هذا المقال أنه ورغم ماتقدمه لنا هذه القروبات من متعة وبهجة ورغم التصاقها بدقائق حياتنا فإنه يتحتم علينا أن لانسلّم بكل مايرد فيها من رسائل ومضامين وأن نتخذ من الحذر طريقاً إلى الوعي واختيار الأنسب والأفضل . حسن الشمراني hasan8hasan@ رابط الخبر بصحيفة الوئام: قروبات «الواتس آب» بيوت بلا أبواب