في «طقة الظهر» وتحت لهيب الشمس وحرارة فاقت الـ 54 درجة مئوية، كان موظفو فرق طوارئ الكهرباء التابعة لقطاع شبكات التوزيع، يواصلون عملهم لإعادة التيار إلى بعض المناطق التي انقطع عنها، متحدين ظروف الطقس السيئة ومضحين بقضاء عطلة العيد بين أسرهم، حيث كان همهم الأول إراحة المواطنين قدر المستطاع، رغم أن الانقطاع اتضح في ما بعد أنه ناتج عن أسباب خارجة عن إرادة وزارة الكهرباء والماء. «الراي» رافقت أحد فرق طوارئ الأحمدي المكلفة بعملية إعادة التيار لإحدى قطع منطقة الصباحية، حيث رصدت لحظة بلحظة طبيعة عمل هذه الفرق، بدءا من تلقي مكتب الطوارئ بلاغ الانقطاع، وصولا إلى مرحلة إصلاح الخلل وارجاع التيار، وما يتوسطهما من مراحل معقدة يبذلون عادة قصارى جهودهم للتغلب عليها. لم يطل انتظارنا في مكتب الأحمدي لأي شكوى تفيد بانقطاع التيار الكهربائي، حيث تلقت بدالة المكتب بلاغا عن انقطاع في إحدى قطع منطقة الصباحية، وعلى الفور تم تحويل البلاغ إلى فرق الطوارئ، وما هي إلا دقائق حتى كنا في موقع الخلل الذي كان عبارة عن تفحم لأحد الكيبلات المغذية لبعض منازل المنطقة التي كان معظمها على ما يبدو مخالفا لشروط البناء المسموح بها، ما نتج عن ذلك - وفق رأي عمال الوزارة الفنيين - زيادة الحمل الكهربائي على الكيبل الذي تفحم وقطع التيار عن القسائم التي يغذيها. وما هي إلا دقائق معدودة على انتهاء الفرقة مما كلفت به، وإذ بمكتب الأحمدي يبلغها بانقطاع آخر ليس ببعيد عن موقعها، حيث اتفقوا على ان يرسلوا عددا من أفراد فرقتهم لموقع البلاغ الجديد ويظل عدد آخر يكمل ما تبقى من أعمال الانقطاع الأول. وبالطبع رافقناهم إلى موقع الانقطاع الجديد، وكان عبارة عن قسيمة كبيرة انقطعت عنها الكهرباء بسبب احتراق «فيوزاتها» الداخلية، وبالتدقيق من قبل رجال الطوارئ وجدوا ان صاحب القسيمة قام بتبديل هذه الفيوزات دون الرجوع للوزارة ما سبب احتراقها. هكذا كانت معظم الانقطاعات التي تلقاها مكتب الأحمدي، وكانت ما بين تفحم كيبلات نتيجة الحمل الزائد بسبب مخالفات البناء، أو نتيجة تبديل الفيوزات دون الرجوع للوزارة، أو نتيجة ضرب كيبلات من قبل شركات المقاولات باستثناء بعض الانقطاعات البسيطة التي تسأل عنها الوزارة. ويقول مدير إدارة شبكات التوزيع الكهربائية المهندس ضحوي الهاملي ان إدارة الطوارئ تعيش بين مطرقة المواطنين، بحكم علاقاتنا المباشرة مع المستهلكين، وسندان الأعطال التي يكون معظمها خارجا عن إرادة الوزارة، فهناك أمور كثيرة عادة تكون تحت سيطرتنا ولكن في حالات الكوارث الطبيعة تخرج السيطرة عن قدرة الوزارة، فارتفاع درجة الحرارة إلى أرقام غير مسبوقة زاد في الأيام الأخيرة من معدل انقطاع الكهرباء، إلا أن هذه الانقطاعات ظلت ضمن الحدود الطبيعية ولم تتجاوز نسبتها 1 في المئة من إجمالي الشبكة الكهربائية، مشيرا الى ان 80 في المئة من انقطاعات التيار تعود لضرب الكيبلات او مبان مخالفة. ويضيف الهاملي «رغم أن شبكة كهرباء الكويت بمختلف مكوناتها تعتبر من أقوى الشبكات إلا أن مسألة وجود تجاوزات عليها يسبب لها أحيانا بعض الخلل، مثل وجود مبان كثيرة مخالفة لشروط البناء المسموح بها لدرجة ربما تجد 6 أو 7 منازل مخالفة من بين كل 10 منازل في شارع واحد، ناهيك عن مسألة فرز القسائم التي تؤثر على زيادة الحمل الكهربائي عن الحد المسموح به وقيام بعض المستهلكين بعمل مخالفات كتغيير فيوزات منزله دون الرجوع للوزارة ما يسبب مشاكل لشبكة الضغط المتوسط». ويؤكد الهاملي ان الوزارة تقوم حاليا بتطوير شبكتها وتحديثها وفق تقنيات مخطط لها بما يتناسب مع ارتفاع الكثافة السكانية والتوسع العمراني في الكويت، حيث لا ننسى ان الكويت بدأت في التوسع بفضل مشاريع التنمية التي تعتبر قفزة للكويت، ونحن كوزارة نحاول ان نسير جنبا إلى جنب مع هذه المشاريع لتغطية الطلب. ويشير إلى ان الكويت شهدت الأسبوع الفائت ارتفاعا في درجة الحرارة فاقت الحد الطبيعي لدرجة انها سجلت في بعض الأحيان 56 درجة في بعض المواقع الخارجية، وهنا القانون يمنع العمل مع هذه الدرجة إلا أنه وبكل أمانة وصدق واصلت فرق الطوارئ عملها رغم هذه الظروف القاسية، فكان عيدهم بين معداتهم وكانوا يعملون على مدار الساعة. ويقول «في ثاني أيام عيد الفطر استقبلنا تقريبا 200 بلاغ يفيد بوجود انقطاعات ولكن بعد فلترة هذه الطلبات وجدناها لا تتعدى 40 أو 50 طلبا وهو المعدل الطبيعي، حيث لاحظنا أن 5 بلاغات تعود لانقطاع واحد، فضلا على أن معظم هذه الانقطاعات التي وصلنا لمواقعها وجدناها تعود مشاكلها لأسباب داخلية ليس للوزارة علاقة بها، لذا نتمنى على المواطنين التأكد أولا من سبب الانقطاع وهل هو بسبب مشكلة داخلية في القسيمة أم ناتج عن خلل تسأل عنه وزارة الكهرباء والماء حتى لا يضيع وقت وجهد الوزارة هباء منثورا، ولولا إيمان الشباب بعملهم ورغبتهم في انجاز أعمالهم لكانوا أحبطوا بسبب ما يجدونه من معاملة غير لائقة من قبل بعض المواطنين، فرجال الطوارئ يبذلون جهودا كبيرة لا يشعر بها غير العارفين بطبيعة عملهم». ويبين «ان موضوع المخالفات والتجاوزات لا يقتصر فقط على البيوت السكنية، إنما يمتد إلى المزارع والمصانع والجواخير والاسطبلات، لدرجة اننا في إحدى المرات اكتشفنا من خلال احد المخططات الموضوعة لاحد الاسطبلات انه تمدد بفعل فاعل وأصبح 4 اسطبلات بدلا من اسطبل». أرقام وحقائق واستطرد «يهمنا ان نعرف انه في العام 2013 سجلنا 1092 عطلا على شبكة الضغط المتوسط، بينما تم تسجيل 1013 عطلا في عام 2014، أما هذا العام فتم حتى الآن تسجيل 467 عطلا. وعلينا ان نلاحظ أنه تم اكتشاف ان هناك 600 عطل من الأعطال التي تم تسجيلها في 2013 كانت بسبب ضرب الكيبلات ما يسبب مشاكل في وصلات الربط، بمعنى ان 70 في المئة من أعطال العام 2013 كانت بسبب ضرب الكيبلات من قبل شركات المقاولات، وفي العام 2014 تم اكتشاف ان هناك 560 عطلا كانت بسبب ضرب الكيبلات، أما خلال هذا العام فقد تم حتى الآن تسجيل ما يقرب من 300 عطل بسبب ضرب الكيبلات». وتابع ان الوزارة اكدت في أكثر من مناسبة على لسان الوكيل المساعد لقطاع شبكات التوزيع الكهربائية جاسم اللنقاوي على أهمية ان تراعي شركات المقاولات مسارات الكيبلات الأرضية وكما كان يدعو الوكيل اللنقاوي على أهمية أخذ الموافقات اللازمة وعدم العبث بالفيوزات إلا بعد الرجوع للوزارة. من جانبه، قال مراقب محافظة الأحمدي لشبكات التوزيع الكهربائية حمد العازمي «ان المكتب عادة يتلقى بلاغات الانقطاع وشكاوى المستهلكين إما على خطوط مكتب الطوارئ أو عن طريق الخط الساخن«مركز الكول سنتر 152»، حيث يتم بمجرد تسجيل البلاغ تحويله إلى فرق الطوارئ لمباشرة عملها وإصلاح العطل ومن ثم يقوم المكتب بالاتصال على صاحب المشكلة للتأكد من معالجتها». وأوضح العازمي «عادة ما نقوم بتحضير طلب إرسال مولد ديزل لموقع الخلل لتغذية الموقع يتم استخدامه في حال طالت عملية إصلاح الخلل». وقال ان المكتب تلقى خلال شهر رمضان الفائت 3953 بلاغا تفيد بوجود مشاكل في شبكة الكهرباء، مقارنة 3488 بلاغا خلال نفس الفترة من العام الفائت. وأوضح ان عدد الفيوزات التي تم استبدالها خلال شهر رمضان بلغ 2115 مقارنة بـ 1811 «فيوز» تم استبدالها العام الفائت خلال نفس الفترة، كما تم خلال شهر رمضان الفائت استبدال 198 قاعدة. وأشار إلى أن فرق طوارئ الأحمدي قامت باستبدال 2523 مترا من كيبلات الضغط المتوسط، موزعة على 90 موقعا خلال الفترة ما بين 18 يونيو وحتى 19 يوليو الجاري. صعوبة قال ضحوي الهاملي إنه عندما يحدث خلل في احد الخطوط الهوائية التابعة لشبكة التوزيع الموجودة في مناطق تابعة لشركات النفط نحتاج إلى 10 أو 12 ساعة للحصول على تصريح دخول لمعالجة الخلل. كيبلات بمحيط الأرض أوضح الهاملي أن أطوال كيبلات الـ11 ألف كيلو فولت وكيبلات الـ LT تصل أطوالها تقريبا 50 ألف كيلو متر أي ان أطوال هذه الكيبلات تتجاوز محيط الكرة الأرضية الذي يصل إلى 40 ألف كيلو متر، فضلا عن هذا نجد وصلة ربط بين كل 250 كيلو، فهل يستطيع أحد أن يتخيل حجم هذه الشبكة؟ وماذا يعني لو ظهر لدينا 8 أو 9 أعطال يوميا في ظل درجة الحرارة المرتفعة؟ هذا الأمر لا يعني شيئا، ولكن ومع ذلك تبذل الوزارة ما بوسعها لتلافي أي مشاكل يمكن ان تتعرض لها الشبكة الكهربائية. سرقات رغم ان الوزارة لم تدخر جهدا في المحافظة على محطاتها من السرقة إلا أن اللصوص ما زالوا يستهدفون بعض المحطات ما يسبب بعض الانقطاعات، فالوزارة سبق وأن نسقت مع الداخلية بهذا الشأن وقامت بوضع أنظمة تتبع حماية واستبدلت أقفال المحطات ووقعت عقود حراسة على بعض المحطات ولكن كل هذه الإجراءات لم تقض هذه الظاهرة بشكل تام وربما لا أحد يعلم ان الانقطاع الذي أصاب منطقة العقيلة الأخيرة كان بسبب سرقة اللصوص لمحطة العقيلة. تجربة نسقت وزارة الكهرباء والماء قبل فترة مع جمعية كيفان لتخصيص مكتب لتلقي بلاغات انقطاعات الكهرباء للتأكد ان الانقطاع مسؤولة عنه وزارة الكهرباء والماء وليس بسبب مشكلة داخلية تستنزف فيها جهود الوزارة دون داع ومن المتوقع ان يتم تعميم التجربة على بقية الجمعيات من باب التعاون. سوائل تبريد ذكر الهاملي أنهم يدرسون حاليا استخدام نوعية معينة من سوائل التبريد تختلف تماما عن الزيت وصديقة للبيئة، حيث تم طرح مناقصة جديدة ربما ستغطي 10 في المئة من إجمالي المحولات. برنامج توزيع أحمال قال المهندس غصن السبيعي نقوم حاليا بتنفيذ برنامج لتوزيع الأحمال لتسوية معادلة الأحمال بين الوحدات لوضع رؤية لمستقبل الأحمال. أرقام وحقائق عندما تقر الإحصائيات أن أعطال شبكة الضغط المتوسط ناتجة عن أعطال ضرب كيبلات وسرقات ومخالفات بناء وحرق فيوزات تجد ان 80 في المئة من أعطالها ليس للوزارة علاقة بها ولكن نجد ان الوزارة هي التي تكون في وجه مدفع المستهلكين. شتائم يقول المهندس جزا المطيري عادة ما يتعرض فنيو الوزارة للإهانة والشتائم عندما يخبرون أصحاب القسائم بأن مشكلتهم داخلية وليس للوزارة أي علاقة بالمشكلة، فمعظم المواطنين يجبرون فنيي الوزارة على إصلاح الخلل وهذا الأمر لا يجوز.