×
محافظة المنطقة الشرقية

أمسيتان شعريتان لمنتدى «اليراع» في «ثقافة الدمام»

صورة الخبر

في ظل مواجهة تُعتبر سابقة مع الشرق والغرب للحفاظ على مصالحها ومستقبلها، تلجأ روسيا إلى الماضي، لاستعادة الشعور بالقوة والأمان والثقة، حتى بات «الهروب» إلى التاريخ «موضة» رائجة. قبل يومين، احتفل الروس بعيد «بيرون» وهو من العادات السلافية القديمة. وإذا كان صعباً التحقق من أصل تلك التسمية أو متى بدأ تداولها، فان المعروف أن العيد يعكس روح التحدي بصفته يوماً لـ»المحاربين الشجعان»، تقدم خلاله الأضحية، من الديوك أو الثيران، تبعاً لشجاعة الفرسان الذين يغسلون سيوفهم بدماء الأضاحي تعبيراً عن القوة. وغاب هذا التقليد عن النسخة المعاصرة للعيد، فمشهد الدماء لم يعد مغرياً، فيما ظلت حاضرة مشاهد مواقد النار الضخمة التي يحوم حولها الرجال ويتصارعون لتحديد الأقوى. لم يكن العيد منتشراً شعبياً على نطاق واسع، كعيد «ماسيلنيتسا» الذي يحتفي الروس به مناسبة لانقضاء الشتاء ودخول فصل الربيع وظل حاضراً في عاداتهم على رغم تقلب الأحوال في البلاد على مدى قرون، وحافظوا على إحيائه عبر تقاليد وثنية قديمة تستند إلى صنع مجسّم لرجل من القش ثم إضرام النار فيه، مع ما يرافق ذلك من عادة تحضير فطائر خاصة للمناسبة. لكن «بيرون» لم يكن الوحيد العائد لمنافسة «عيد الربيع»، إذ عادت الروح أيضاً إلى عيد «إيفان كوبالا» الذي يحتفي بالصيف... وأعياد أخرى مثل «كاراتشون» و»فيلوسوف»، وكلها مرتبطة بأوقات السنة. ويبدو الميل واضحاً إلى إحياء كثير من المناسبات التي كانت مرتبطة في شكل وثيق بالتقاليد السلافية القديمة، في مجالات الغناء والملابس وأنواع القتال، ما دفع علماء الاجتماع إلى الإقرار بأن الاهتمام بالماضي، أخذ يتحول موضة رائجة في روسيا. واللافت أن فكرة إحياء التقاليد السلافية وجدت اهتماماً في الأوساط العلمية، خصوصاً خبراء علم النفس التطبيقي المعاصر، إذ نقلت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الرسمية عن الطبيبة النفسية أولغا كوليادا المسؤولة في مركز «لادوغا» التدريبي، قولها إن «فكرة الثقافة التقليدية الشعبية تعكس الرغبة في معرفة كيفية العيش بسعادة». وتضيف الخبيرة: «من هنا أتى الاهتمام بمحاكاة حياة أجدادنا»، من خلال عروض القوة أو محاكاة معارك وأحداث تاريخية. لكن المثير أن المركز سعى إلى توظيف هذا الاهتمام لتحقيق فوائد نفسية للروس، فهو يتولى مثلاً إحياء الأغاني السلافية القديمة، ولكن ليس بصورة أكاديمية، بل باستعادة تقاليد النواح المتواصل في الجنازات، وتقول كوليادا: «نستخدم هذه الممارسة اليوم من أجل مساعدة الناس من خلال الصوت، لتجاوز الصدمات الشخصية الشديدة». ويرى أليكسي ليفينسون الأستاذ في كلية العلوم الاجتماعية في «مدرسة الاقتصاد العليا»، أن الالتفات نحو الثقافة القديمة «يمنح الناس إمكانية أن يتماشوا مع النزعات المعاصرة». ويعتبر خبراء، أن رواج هذه «الموضة» مرتبط بعمليات تحفيز الروح القومية عند الروس التي دأبت عليها السلطات لحشد تأييد داخلي واسع لسياساتها. لذا لم تكن مصادفة أن يفاخر بعض الروس بعد قرار ضم القرم العام الماضي، بأن الرئيس فلاديمير بوتين استعاد أمجاد القياصرة العظام مثل بطرس الأكبر وكاترينا الثانية، على رغم تحذير خبراء من تأثيرات «ضارة» لمساعي «العودة إلى أمجاد الماضي» لأنها تسفر عن مزيد من الانغلاق والعزلة عن العالم.