×
محافظة المنطقة الشرقية

السديس يرعى حفل معايدة منسوبي رئاسة الحرمين ويهنئ القيادة الرشيدة

صورة الخبر

وجود الأعداء في هذه الحياة شيء لا مفر منه، فإن يكون لك عدو تتقيه وتسأل الله أن يكفيك شره، هو جزء من تركيبة هذا الوجود! حين كنت صغيرة السن تنقصني الخبرة بالناس والحياة، كنت أظن أن الأعداء لا يوجدون إلا في حياة الأشرار، وأن الإنسان متى كان طيبا ومسالما خلت حياته من ظهور الأعداء فيها، لكني بعد أن كبرت أدركت أن تلك فكرة طفولية ملؤها السذاجة، فوجود الأعداء من حولك لا علاقة له بطيبتك أو شرك، هناك أعداء ملازمون لك من داخل ذاتك، وهناك أعداء من خارج الذات ملازمون لما تحققه في هذه الحياة من نجاح ومكاسب، وكلهم يتعذر عليك الهرب منهم. من أعداء الإنسان الملازمين له من داخل ذاته، الشيطان الذي دأبه أن يوسوس له بالشر ويدفع به بعيدا عن طريق الحق والهدى، ومنهم نفسه الأمارة بالسوء، التي تدفع به إلى ارتكاب الشرور كالظلم والاعتداء والطمع والغيرة والحسد والكراهية، ومنهم الهوى الذي يزين له المحرمات ويغريه بالفراغ والكسل، ومنهم ضعف الإرادة، الذي يحول بينه وبين تحقيق ما يتمنى كالمحافظة على أداء صلاة الفجر في وقتها، أو تعلم مهارة أو ممارسة الرياضة أو إنقاص وزنه، أو التوقف عن التدخين أو غيره من العادات الضارة. وهناك غير ذلك كثير من أعداء الإنسان الملازمين له داخل ذاته. أما أعداء الإنسان من خارج الذات، فهم غالبا يظهرون عند حصوله على مكاسب تثير الحسد وتحقيقه نجاحا يولد الغيرة، أو عند سبقه لهم إلى ما كانوا يرجون أن يحصلوا عليه، أو لأنهم يرونه معترضا طريقا يتطلعون إلى قطعه. وفي كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير، يقدم عبدالله بن المقفع نصيحة في كيفية التعامل مع الأعداء الذين يظهرون في حياة الانسان، يقول: «اعلم أن من عدوك من تعمل في هلاكه، ومنهم من تعمل في مصالحته، ومنهم من تعمل في البعد عنه، فاعرفهم على منازلهم». حسب هذه النصيحة فإن الأعداء ليسوا سواء في قوتهم وقدرتهم على إيقاع الضرر بك، فبعضهم ضعيف يمكنك أن تتخلص منه بالضربة القاضية، وبعضهم الآخر ليس كذلك، فاسع إلى اتقاء شره بمسايسته والعمل على عقد هدنة معه، أما إن وجدت أن ذلك غير ممكن، فإنه ليس لك إلا أن تبتعد عنه هاربا منه. ابن المقفع في نصيحته هذه، فاته أن يذكر حالة رابعة هي كيف يكون العمل مع العدو الذي لا يمكن الهرب منه، ولا يمكن القضاء عليه ولا حتى مسايسته؟ هل هذا يعني الاستسلام لأذاه والصبر عليه؟ وفاته أيضا أن التعامل مع العدو وفق الصنف الذي ينتمي إليه، هو الجزء الأسهل، أما الجزء الأصعب والأشق، فهو تحديد الصنف، كيف يمكن للإنسان أن يحدد إن كان عدوه يستحق الهلاك، أو لابد من الصلح معه، أو الفرار منه؟