ياسر باعامر-جدة شكل حلول عيد الفطرالمبارك فأل خير على رواد المسرح السعودي وعاشقيه، ومثل فرصة مناسبة لإنعاش المسرح بعد حالة ركود أصابته نتيجة لغياب الدعم الحكومي، وفقاً لمراقبين محليين. ففي مدينة جدة غرب المملكة -على سبيل المثال لا الحصر- بدأت إعلانات الطرق منذ أيام بالإشهار عن المسرحيات تبدأ من أول ليالي العيد وتستمر حتى منتصف أغسطس/آب المقبل، حيث يغلب القالب الكوميدي الاجتماعي على مختلف المسرحيات، بهدف معالجة عدد من الظواهر الاجتماعية المختلفة، التي تسبب صدعاً للمجتمع السعودي. وبينما يؤرق التعصب الرياضي المسؤولين، جاءت مسرحية "هيا تعال" التي تعرض حالياً على مسرح النادي الأدبي بجدة، لتسلط الضوء على هذه الظاهرة في محاولة لطرح أوجه علاجها. وبطريقة كوميدية ساخرة -وفق تعليق القائمين عليها- طرحت المسرحية ظاهرة التعصب والتشجيع الرياضي في المملكة، وهي من تأليف فاروق الشعيبي. وتدور أحداثها حول قيام شخص بافتتاح مدرسة، واختيار أربعة شبان من المتعصبين لأنديتهم الرياضية، حيث يحاول بشتى الطرق إجهاض فكرة تعصبهم غير الأخلاقي، في ظل وجود برنامج رياضي تلفزيوني شهير، يعتبره النص المسرحي من الأسباب الجوهرية لإذكاء المشاكل بين جماهير الأندية. وتبعث المسرحية برسالة للجمهور تتلخص في أن كرة القدم وجدت للتعارف وتسييد الروح الرياضية، لا للمشاحنات والمخاصمات، كما هو حاصل في الوسط الرياضي السعودي. أما بالمنطقة التاريخية القديمة بجدة، فتحلق أكثر من 450 شخصاً من مختلف الشرائح العمرية حول مسرحية "هيا قوام" والتي تأتي ضمن فعاليات "عيدنا كدا" وهي مستقاة من الرواية الشعبية الحجازية "أبو عرام والبشكة" للأديب الراحل أحمد صالح قنديل. وتهدف المسرحية إلى الحفاظ على العادات والتقاليد التي أفتقدها الجيل الجديد من الأبناء، كما تدعو إلى توحيد الصفوف والانتباه من الخطر الذي يحاك ضدهم، وفقاً لحديث مؤلفها نزار السليماني للجزيرة نت. جمهورإحدى المسرحيات المعروضة بمدينة جدة(الجزيرة) إشكالية الدعم وأضاف السليماني بأن المسرحية استعراضية أُلحق بها عدد من ألوان الرقص الحجازي الشعبي، وقال "إنه رغم غياب ثقافة المسرح بين الجمهور، إلا أننا استطعنا استقطابهم على مدار أربعة أيام متتالية" مرجعاً ذلك إلى تعطش الجمهور لمناقشة قضاياه بأسلوب مسرحي مباشر. أما المؤلف والمدرب المسرحي فهد الأسمري فتناول في حديثه للجزيرة نت بُعدا مهماً، تمثل في قدرة المسرح على علاج الظواهر المجتمعية السلبية بطريقة ملفتة، لاعتماده على إيصال الرسائل بشكل مباشر. وقال إن المسرحيين المحليين استطاعوا تحقيق نجاحات خارجية على حساب الداخل، فحصول نصوص مسرحياتهم على مراكز متقدمة في عدد من المسابقات العربية دليل على ذلك. ويعطي الأسمري بعض ملامح ضعف البينان المسرحي السعودي، أهمها الصورة الذهنية المترسخة عنه لدى المجتمع والمتمثلة في اللامبالاة وعدم الاهتمام، بسبب غياب ثقافة المسرح لديهم، إضافة إلى عدم تهيئة البنية التحتية له، وغياب دعم المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص له. واعتبر أن المسرح أو ما أطلق عليه "أبو الفنون" هو الأقدر على التفاعل الإيجابي مع جميع مشكلات المجتمع، وهو أحد الأسباب الرئيسية لمعالجتها وتوعية الجمهور بها. وطرح عبد الله باحطاب -الذي قضى 22 عاماً بين جدران المسرح العام والجامعي- خطاً متوازياً، في حديثه للجزيرة نت، الأول بشأن دعم حركة المسرح، والثاني بشأن ضرورة تأسيس أكاديمية تأهيلية للمسرحيين السعوديين، تصقل مواهبهم الفنية المختلفة، إذ لا يكفي الدعم دون تأهيل تلك الكوادر "حتى تحجز لها موقعاً متقدماً في خارطة المسرح العربي".