هناك خلل خطر في الاقتصاد الأمريكي يتسبب بتعزيز ثروات كبار الأغنياء ويكبح طموحات الطبقة الوسطى. وينحو باللائمة في ضعف تلك الطبقة على عدد من العوامل، مثل العولمة والتقنية وتخفيف القيود في السياسة النقدية والقروض الرخيصة، وغيرها. إلا أن أبرز تلك العوامل هو انتشار نموذج أعمال جديد يشجع كبار المديرين في الشركات الأمريكية على سرقة شركاتهم عبر تحقيق مكاسب عابرة وحرمان تلك الشركات من الأرصدة التي تحتاج إليها لتحقيق النمو والتوسع والاستثمار في مواردها البشرية على المدى البعيد. فكيف يسرقون شركاتهم؟ يتم ذلك عبر ضفقات ضخمة لإعادة شراء اسهم تلك الشركات لتحقيق أهداف قصيرة الأجل تعود عليهم بتعويضات دسمة، وعن طريق استخدام تلك العمليات للتلاعب بسعر السهم ما يتيح لهم استغلال معلومات داخلية لتوقيت إعادة بيع تلك الأسهم، وعبر تسخير عمليات إعادة شراء الأسهم لتصريف أرباح الشركة لهم ولمالكي الأسهم. وهكذا يسخرون أسواق الأسهم لسرقة شركاتهم. وتتبنى الشركات استراتيجيات خاصة بتوزيع الأرباح وتقليص حجم عملياتها بدلاً من تخصيص نسبة من الأرباح في الاستثمار في مشاريع جديدة. ولا تقتصر هذه الاتهامات على المحللين والأكاديميين، بل إن مديري أكبر500 شركة أمريكية تسلموا رسالة من لورانس فينك مدير شركة بلاك روك أكبر شركة إدارة أصول في العالم تبلغهم التهم نفسها. وجاء في رسالة فينك أن سياسات إعادة شراء الأسهم تحرم المدخرين خاصة من المتقاعدين وأفراد الطبقة الوسطى من خططهم طويلة الأجل ما تعود بالضرر على الاقتصاد عموماً. وتطالب مجموعة من شركات إدارة الأصول هيئات تنظيم الأسواق بوضع حد لعمليات إعادة شراء الأسهم بسبب آثارها السلبية في الوظائف والأجور والاستثمارات.