عندما علمت بنبأ وفاة أمير الدبلوماسية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل بادرت الى الاتصال بصديق عزيز أعرف مدى قربه من الراحل الكبير وسألته بأمل يشوبه الأسى قائلا «أخبرني أن الخبر غير صحيح!!» وعندما تردد في الإجابة أيقنت أن الأجل قد حان كتابه و»إنا لله وإنا إليه راجعون». لن أكتب شيئاً عن الأمير سعود الفيصل الآن فلقد كتبت عن مشاعري عندما ترجل سموه عن صهوة جواد الخارجية السعودية قبل بضعة أسابيع ولكنني أستاذنكم في أن أنقل اليكم رسالة تعزية وصلتني من السيد جوزيف براودي وهو باحث أكاديمي متخصص في الشئون الدولية وفي قضايا الشرق الأوسط خاصة حيث يقول: «إن بعض الأميركيين يقدم بلاده للعالم نموذجاً جديراً بأن يُحتذى به، في حين يشير الآخرون إلى أوجه القصور في البلاد، والحاجة إلى دراسة مناطق أخرى في العالم بحثاً عن عِبر للولايات المتحدة. اليوم، حينما يكون أناس ذوو النية الحسنة في أنحاء المعمورة “لَبِسوا الحِدادَ” لفقدان وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، رحمة الله عليه، فإنه بلا شك وقت يناسبه التواضع – اعترافاً بخسارة كبيرة في مجال الدبلوماسية العالمية، واعترافاً بإثرائه المجتمع المحيط به والمُحب له، ألا وهو شعب المملكة العربية السعودية – إثراء ذِكْرَاه الطيبة هناك شعور بأنه في الأيام المُقبلة، حينما ستُقام الصلاة على جثمانه من الحرمين الشريفين إلى المحافظات النائية في المملكة، سيكون المُشيعون ليس فقط من الرجال والنساء الذين يتذكرون خدمته المخلصة منذ بداياتها، ولكن أيضاً ممن ولدوا بعد أن أصبح عمله جارياً على قدمٍ وساق. هذه هي طبيعة شعبٍ يقدر ويحترم شيوخه: حريص دائماً على الاستفادة من حكمتهم وتجربة حياتهم. إن شعب المملكة العربية السعودية على حق في القيام بذلك، فمع تغيرات العالم المستمرة، ومع آماله وأحلامه وكذلك مآسيه ومخاطره الجديدة، تبقى الأخلاق والقيم التي ستوجه العالم للسلام قديمةً، وثابتة، وغير قابلة للتغيير، وهو -رحمه الله -الذي كان يسعى دائماً إلى تجسيد الأخلاق والقيم تلك طوال حياته، وقد كان فيها أفضل المعلمين. أسأل الله أن يمنح شعب المملكة العربية السعودية نجاحاً تلو نجاحٍ، وأن تكون ذاكرة الأمير الوزير سعود الفيصل الحية مصدراً للقوة والإلهام بالنسبة لهم. ولندرس جميعنا تأريخ حياته، رحمه الله، ونتذكر ما تعلمناه منه إذ نلاقي معاً أزمات الحاضر. وليمر الألم الذي تشعر به أسرته مروراً هادئاً إن شاء الله، ولنتغلب على تحديات المستقبل بمثابة تحيةٍ للسنوات الطويلة التي أمضاها في التضحية بنفسه لصالح الحق». afcar2005@yahoo.com