المواطنون أصحاب الأكثرية السكانية، هم من بارك الحملة ضد المخالفين للإقامة، لأنهم يشعرون بالضرر ويعانونه، وعلى النقيض فالمستفيدون من هذه الفوضى هم المتسترون والتجار، ومخالفو الأنظمة، هم من يجأرون بالشكوى ويدعمونها بوقف حركة الحياة في المدن والقرى، وارتفاع الأسعار ونقص الخدمات ما يفسر أننا، إذا صدقنا هذه الأقوال نكون عالة على غيرنا، وهذا نقص تربوي وعملي أن نخضع بكلية أوضاعنا إلى غيرنا.. قلنا سابقاً، وفي كل مناسبة أننا لسنا بحاجة لأن تتحول شوارعنا الرئيسية والفرعية لورش ومغاسل ودكاكين تبيعنا أغذية مغشوشة، ومطاعم لا تخضع للرقابة، ويملأ شوارعنا وأزقتنا فائض بشري هائل، ازدحمت الطرق، وصارت الضغوط على المستشفيات والمياه والكهرباء وكل المرافق العامة قضية اجتماعية واقتصادية، إلى جانب الكم الهائل الذي وسع دوائر الجريمة بمختلف سلوكياتها الخطيرة، ونحن هنا لا نبرز فقط المساوئ إذا كنا بحاجة للعمالة، ولكن ليست التي دخلت لنا بدون تأهيل، أو تعلم لدرجة أن الأمية كانت وراء الكسب بأي سلوك.. العائد ليس فقط التخلص من هذا الفائض البشري والطفيلي، وإنما كيف شهدنا سلاسة المرور وفراغ الشوارع من تكتل العمالة السائبة، والإحصاءات تتحدث عن التقليل من نسبة التحويلات المادية إلى منها وهو رقم غير عادي في حسابات توفير عوائدنا.. لا أدري ما صحة ما قيل بأن في الرياض العاصمة ثلاثة ملايين عامل البعض بإقامة نظامية، وآخرون مخالفون، ومعنى ذلك أن الثلثين من السكان غير مواطنين، وهذا مخيف أمنياً واجتماعياً إذا افترضنا أن مجمل السكان خمسة ملايين ونصف المليون، حصة المواطنين منها مليون وخمسمئة ألف، وهؤلاء كم سيضيفون إلى مشكلات المدينة وحدها، وقس على ذلك بقية مدن وقرى المملكة الأخرى؟ القضية في مفهومنا العام هي أمنية بالدرجة الأولى يلحقها العدد المقابل من المواطنين سواء من سيحلون في وظائف تلك العمالة، أو من يستغلون أشغالهم بملئها، والتحدي أننا جزء من المشكلة والحل، إذا ما فهمنا أن دورنا كمواطنين رافد أساسي للسلطة بمعنى أن كشف المتستر والمخالف، والمجهول والإبلاغ عنهم، هو جزء من مهمة كل إنسان يهمه سلامة وطنه.. فالظاهرة مخيفة لدرجة أننا نحن من تضرر من العمالة المنزلية بالهروب والمضاربات برواتبها، وهي مسؤوليتنا جميعاً إلى جانب أن النظم التي لم تدخل حيّز التنفيذ ساهمت في المشكلة، وما نفهمه ونرجوه ألا تكون الحملات مجرد فسحة تعطى لاحقاً لتسوية هذه القضايا رغم أن المهلة التي منحتها الدولة للمخالفين كافية لأن تعدل الأوضاع، وتغير من الواقع إلى ما هو أفضل.. الحالة التي لدينا فريدة من نوعها فالإحصاءات والأرقام المنشورة خطيرة فإذا كان، حسب ما نشر، أن الجهات الرسمية قامت بتصحيح تسعة ملايين حالة، فكم حجم العمالة كلها؟ أي أن الأرقام التي تظهرها الإحصاءات متضاربة، وهذا أمر أكثر خطورة إذا كنا نؤوي ما يضاعف هذا العدد، ولعل تضارب العدد يوحي بأننا أمام أزمة تستدعي حشد كل القوى في حلها وتنظيمها..