يعاني عدد كبير من الأطفال العنف الموجه إليهم من قبل أقرب الناس إليهم وهي الأم، التي هي بالأساس نبع الحنان والدفء الأسري، ولكن للأسف فإنها تتحول في تلك الحالة إلى أم عدوانية وعنيفة السلوك مع أبنائها. وتتنوع أساليب اعتداء الأمهات على أطفالهن، سواء كان ذلك اعتداء جسديا مباشرا أو معنويا ونفسيا عن طريق التوبيخ وسوء معاملة أو الإهمال. وتترك تلك الأساليب أثرا سيئا في نفسية الطفل الواقع عليه العنف الأسري، حيث يتسبب ذلك في إيذاء حسي أو معنوي للطفل أو تحولهم إلى أشخاص عدوانيين محاكاة لما تعلموا في منازلهم أو إلحاق إصابات جسدية أو تعريض الطفل لخطر الإصابة أو الوفاة أحياناً من قسوة الضرب. ويظهر الأمر بصورة أكثر وضوحاً في بعض حالات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالكثير منهم يتعرضون لمشكلات نفسية واجتماعية وحتى خدمية رغم ما توليه الدولة من جهود جبارة في خدمة هذه الفئة المهمة سواء خدمات صحية تعليمية وتربوية وفرص وظيفية، ومع كل ذلك يعاني بعض المعوَّقين من ممارسة العنف عليهم من قبل ذويهم وإساءة في التعامل. وحول هذا الأمر، قالت لـ "الاقتصادية" نعيمة البوعلي رئيسة قسم ذوي الإعاقة في مكتب الإشراف الاجتماعي بالمنطقة الشرقية إن المعوَّقين يتعرضون للعنف والضرب من قبل أهاليهم نتيجة عدم تقبلهم في العائلة وعدم تقبل وجودهم وكونهم يشكلون عبئا على الأهل ونتيجة عدم الوعي، وإن آخر حالتين تم معاينتهما في مراكز التأهيل هما لطفلتين دون العاشرة تعرضتا للضرب، وقد لوحظت آثار الضرب على جسديهما من خلال معاينة الطفلتين، ويتم تبليغ الشرطة بعد تحويل الطفل المعنف إلى دار الحماية لحمايته من أهله ولنقف على مسببات العنف من ضرب وقرص ونتفاجأ أن الأم هي من تمارس العنف على طفلها، ويكتب تعهد من قبل الأهل لعدم تكرار ممارسة العنف وإلا يسحب الطفل من ذويه ويوضع في دور الإيواء. وأوضحت أن هناك عدم إدراك من أهل الطفل المعوَّق لحقوقه، وأغلب هذه الفئة التي تمارس العنف على أطفالها المعوَّقين تكون الأم غير متعلمة، مبينة أن أبرز المشكلات التي يعاني منها الأطفال المعوَّقين في مراكز التأهيل هي عدم زيارة أهاليهم لهم ونسيانهم والبعد عنهم ويعبرون الأطفال المعوَّقين بهذا الإحساس بطرقهم الخاصة التي نفهما نحن كإخصائيين، وتابعت: "لذلك نقوم بمعالجة الأهل ونقيم جلسات ودورات تثقيفية وتوعوية لهم وزيارات يقوم بها المركز للمعوَّقين في منازلهم للوقوف على وضعهم في المنزل، بجانب دورات وورش عمل للأهالي لكيفية التعامل مع الطفل المعوَّق والعناية به من كل جوانب الحياة، لأن وجود الطفل في بيته ووسط أهله أفضل له من وجوده في دور الإيواء ليستطيع الانسجام والتعلم بشكل طبيعي ولينعم بحالة نفسية جيدة ومعنويات عالية". فيما أشار علي آل غزوي مدير مركز رعاية المكفوفين في القطيف إلى أن مراكز الرعاية بالمكفوفين تسعى بالدرجة الأولى إلى توعية المجتمع باحتياجات هذه الفئة بشكل يضمن لهم الانسجام والاندماج التام، إضافةً لرفع المستوى الصحي، والتربوي، والتعليمي للمكفوفين والمكفوفات، وتخرجهم من القيود إلى العالم الفسيح، للنهوض بهم في جميع المجالات، ورفع مستواهم المعيشي، وتحويلهم لأفراد منتجين وفاعلين في المجتمع، إلا أنه للأسف لا يزال المكفوفون يعانون العنف والاستهزاء من ذويهم ومن أقرانهم في المدرسة بالدرجة الكبيرة رغم توعية المجتمع، وأكثر أنواع العنف الممارس عليهم هو العنف النفسي والإهمال وعدم تقديم المساعدة لهم وحمايتهم من وقوع المخاطر لهم وبعضهم يتعرض للوفاة، بسبب الحوادث نتيجة الإهمال وللامبالاة من أهاليهم. ومن جانبها، حذرت مها الزوري إخصائية نفسية واستشارية في الهاتف الاستشاري في جمعية القطيف الخيرية من العنف اللفظي المتمثل في الإساءة المشاعرية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مبينة أن كثيرا من الناس يتعامل مع عناد الأطفال المعوَّقين تعاملا خاطئا، ما يدفع الطفل إلى العنف، بسبب عدم استخدام أساليب صحيحة خاصة إذا كانت الأم مشغولة عن طفلها. وشددت على أن الطفل المعوَّق يبقى التعامل معه غير مستحيل، بل من الممكن تطويع سلوكه القابل للتغيير وللتعديل وعلى الأم أن تتبع أسلوب العلاج بالحب من الحاجيات الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان في كل مراحل حياته وهو من أفضل الوسائل. وأضافت الزوري: "الكثير من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون للإيذاء النفسي بنسبة 38 في المائة من الأطفال يمارس عليهم العنف اللفظي وهو أسوء أنواع العنف، لأنه يبقى في النفس ويؤثر فيها ويؤدي إلى اضطرابات نفسية وسلوكية وصحية تزيد من معوقات مسيرة حياة الطفل المعوَّق ولا تسمح له بحياة كريمة ينبغي على الوالدين توفيرها لأطفالهم".