الدولة العربية التي عرفناها مهددة الآن بالاضمحلال أكثر من أي وقت مضى، خرجت الجماهير إلى الشوارع ضد الأنظمة، كانت البداية احتجاجات على سياسات، إذ أدى الفساد وزواج السلطة بالمال إلى ممارسات تركزت معها الثروات، اتسعت قاعدة الفقر، مع زيادة ثراء أثرياء، ثم تصاعدت الاحتجاجات إلى رفض للنظام بأكمله، وضعت صور الرؤساء في الواجهة، كان الهدف رأس النظام، لكن الأمر تحول إلى ما هو أكبر من إسقاطه، الخطر الآن في أغلب دول الربيع العربي على الدولة نفسها، في مــــــصر واليمن وليبيا وسورية الصورة تنبئ بذلك، الخطر على الوطن الذي تحركت الجموع لأجله، هدف إسقاط النظام وفر وحدة واتحاداً لأطراف مختلفة المشارب والغايات والوسائل أيضاً، ومع سقوط النظام أو قرب سقـــوطه، برزت حدة الاختلافات. وإذا تأملنا في المشهد السوري المنزوي حالياً عن الأضواء بفعل سطوع الحال المصرية، نرى أن المعارضة الخارجية بتشرذمها وتشتتها أسهمت مع النظام في الوضع المأسوي الذي وصل إليه السوريون، سواء كانوا في الملاجئ الخارجية، أم تحت أنقاض المباني المهدمة بفعل القصف والكر والفر، وفي مصر الوضع مرشح للتفاقم مع إصرار كل طرف على موقفه، وتكرر استهداف جنود وضباط من الجيش المصري، ليبيا لم تستقر، ويبدو الاستقرار فيها بعيد المنال في المدى المنظور. الذين خرجوا لإسقاط النظام لم يتوقعوا أن الخروج قد يأتي على الدولة نفسها، والتحذير من «اللبننة» و«الصوملة» لا يأتي بنتيجة، حتى العراق وهو نموذج الديموقراطية المصدرة من الغرب بات على أعتاب حرب أهلية كما حذّرت هيئة الأمم المتحدة قبل أيام من خطورة الوضع في بلاد الرافدين. وإذا لم ينصت الساسة العرب إلى صوت العقل، ويعملوا للبحث عن حلول تحقق بعض المطالب لكل طرف، فلا يستأثر طرف بكل شيء، فلن تنتج من كل هذه الصراعات سوى دول معوقة، الدولة المعوقة هي تلك الدولة التي لا تستطيع السيطرة إلا على عاصمتها وما جاورها، أما حدودها وأطرافها فهي نهبة للصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية. www.asuwayed.com asuwayed@