(1) الوجه الأول.. قبلة على جبين الوطن.. فهذا الوطن هو واحتنا هو ظلنا الظليل هو البداية وهو النهاية. نبدأ منه ومعه المسيرة التي لا تنتهي.. نتعب.. نكبر نموت ونسلم الراية للجيل القادم يقبّل الوطن على جبينه ويكمل مشواراً اسمه الوطن الرائع. كل الاوطان رائعة عند أهاليها ومن لا يعرف روعة وطنه لا يمكن أبداً ان يحبه وان يعشقه والذين لا يحبون اوطانهم مبتلون بداء الكراهية. (2) تنتعش ذاكرتنا في العيد بأشياء كثيرة وعديدة.. صور ووجوه وحكايا بلا نهاية.. واكثر انعاشات ذاكرتنا نحن جيل الستينات هي ذاكرة الطفولة وصبانا وذاكرة فرجاننا.. وذاكرة الزمن الجميل وذاكرة الأماكن. تلك الأماكن في حميمتها ودفئها كم نشتاقها الآن وكم نستعيد صورها كما يستعيد الشاعر العربي القديم ذكرى الدمن والاطلال لكننا لا نبكي كما بكي بل نبتسم ونشم الرائحة في عبق السنين الجميلة. سقطت اسماء من ذاكرتنا في زحمة الحياة لكنها في العيد تعود في شكل آخر مع الحكايا والقصص ومسلسلات شقاوة تلك الأيام التي لا تعود. (3) وجه آخر للعيد حيث سنشاهد من اللحظة الأولى مقابلات وأحاديث جماعية ومنفردة مع ابطال المسلسلات الخليجية وسيبدأ طوفان لا ينتهي من الرغي الطويل حول هذا المسلسل او ذاك.. وكم كان بودنا لو ان فضائياتنا سامحها الله استحدثت او أبدعت اسلوباً آخر نخرج به من تكرار المقابلات وتكرار الاسئلة وتكرار الاجابات ذات القالب وذات النمط الواحد الذي لم يتغير ولن يتغير حتى نتغير نحن او تتغير مسلسلاتنا. لا أقصد مسلسلاً بعينه ولكنني أتحدث في المطلق عن المسلسلات التي أتمنى على الفنانين أن يتركوها تتحدث عن نفسها كأعمال فنية أو على الأقل ان يتركوا الجمهور يتحدث عنها ويقول رأيه فيها بعد ان تابعها وشاهدها طوال شهرٍ كامل. (4) همسة قصيرة لمعظم مذيعي ومذيعات فضائياتنا العربية المغرمة بالحوار واللقاءات العنصر الرئيسي في أي حوار ليس الجواب وانما هو السؤال. فإن صاحب الحوار الحقيقي هو صاحب السؤال وليس صاحب الجواب. اختاروا أسئلتكم بدقة وبوعي ولا تعتمدوا على أسئلة جاهزة في الورق واتركوا للحوار ان يتدفق بتلقائية حقيقية بدون تصّنع أو مجاملات. (5) وجه العيد هو وجه الطفل.. وليس هناك عيد بلا اطفال وكم نحتاج الى ان نحتضن اطفالنا في العيد وأن نقترب منهم وان نخصص جزءاً كبيراً من ايام العيد لهم.. لاطفالنا فالعيد لهم والعيد ذاكرتهم والعيد قلبهم النابض. بعضنا يسرقه العيد من اطفاله وكم نتمنى ان لا ينسوا اطفالهم وما لهم عليهم من حق بحيث يفتحون لهم فضاءً من الوقت وفضاء من الفرح والتشارك فيه. والفرح في العيد هو في المشاركة حيث لا يمكن ان تفرح لوحدك فطبيعة الفرح هي ان يشاركك فيه آخرون وما اجمل ان يشاركنا الفرح الاطفال احباب الله والابرياء الانقياء الحقيقيون بلا رتوش. وإن كان العيد في أحد وجوهه لا يخلو من رتوش قد تفرضها علينا طبيعة المناسبة وطبيعة العلاقات بين الناس وطبيعة هذا الزمن المختلف الذي نعيشه الآن بكل تناقضاته وبكل ما يزدحم فيه من عجائب وغرائب. ولا تنسوا فنحن الذين نصوغ زماننا ونحن الذين نشكله ونكوّنه وبالتالي علينا اليوم ان نصوغ وجهاً آخر للعيد هو الوجه القادر على ان يبعث فينا قيماً رائعة نحن اليوم احوج ما نحتاج إليها وعندما نصوغها سيكون عيدنا حقيقياً وعميقاً وجميلاً و.. عساكم من عوادة.