شهدت مظاهر الاحتفاء بالعيد في جازان تغييرا هائلا خلال الفترة الماضية ولم يعد العيد يحتفظ من مظاهره القديمة سوي بالإفطارالصباحي لسكان القرية الواحدة أو الحي الكبير، ويرى عدد من المسنين أن العيد افتقد بهجته وخفتت تلك اللهفة في ترقب قدومه حتى بالنسبة للأطفال، حيث لم يعد العيد بالنسبة لهم جمع العيديات وركوب المراجيح، حيث أصبح عيدهم وجبات في المطاعم، أو سفرات وملابس وألعاب عصرية، مشيرين إلى أن التكنولوجيا لعبت دورًا كبيرًا في هذا التغيير، كما ساهمت في برودة التواصل الاجتماعي، وقلّة الزيارات، التي اعتاد الناس تبادلها بمناسبة العيد، برغم سهولة المواصلات مقارنة بأيام زمان. يقول العم ناصر مشهور من سكان قرية الركوبة: «قبل أكثر من ثلاثين سنة ونحن نجتمع في مكان واحد يوم العيد، فمنذ كنت شابا وأنا أحضر يوم العيد إلى ذلك المكان ومرت السنوات، وأنا سعيد أن أبناءنا ظلوا محافظين على هذه العادة الجميلة». ويضيف إبراهيم مدخلي كان بيتنا مجاورا للمكان المخصص للإفطار الجماعي بالقرية ومنذ أن كان والدي - رحمه الله- على قيد الحياة، ونحن نعمل على توفير المياه للأهالي في مكان الإفطار، ونحن نسعد بوجودهم بجوار بيتنا، علما بأن الطرق المؤدية لمقر الإفطار بل وكل طرقات القرى يتم تنظيفها وتهيئتها قبل العيد ينطلق الأطفال ببهجتهم الطفولية صوب منازل الحي مهنئين بالعيد السعيد فرحين «بالعيدية»، التي تقدمها لهم ربات البيوت. ويضيف مدخلي: يحرص سكان الحي الواحد أو القرية الواحدة عقب صلاة العيد مباشرة وقبل التوجه إلى مقر الإفطار على التزاور، فيما بينهم وتبادل التهاني، فيما سيكون اللقاء حتميا بين الجميع في مقر الإفطار، وتشارك النساء في العيد الجازاني منذ القدم بفاعلية فإلى جانب إعداد طعام الإفطار للرجال، يجتمعن في منزل إحدى الأسر ويكون الاختيار عادة على المرأة، التي كان لديها مناسبة ما قبل العيد أيا كانت المناسبة، فتجتمع نساء الحي ليتبادلن التهاني بالعيد ويتناولن طعام الإفطار، والذي لا يختلف عادة عن إفطار الرجال ففي يوم العيد الجازاني لا بد من حضور المرسة والمغش والحيسية. أما عبدالله حمدي وهو مهتم بالتراث فيقول تذخر جازان بالموروثات الشعبية المتنوعة وللعيد فرحة مميزة.. وبهجة لها وقع خاص في هذه المنطقة.. ففي آخر ليلة من ليالي رمضان وبعد رؤية الهلال كانت قديما تتالى طلقات المدافع لتأذن بقدوم العيد.. ويفرح الأطفال ويبدأ اللعب في أزقة الأحياء البسيطة، التي كانت تتميز بها المنطقة، والتي تفوح منها رائحة الطين والبخور والطيب ويرقص الأطفال فرحا ويغنون: يارمضان لفلف ملاعقك يارمضان ووامعيد لاحقك وتتناغم فرحتهم مع الاهتمام الكبير من الأمهات في المنازل وتلك الأهازيج، التي يطلقونها تعبيرا عن فرحتهم وينام الاطفال تلك الليلة وهم ينتظرون طلوع الفجر بفارغ الصبر وكل واحد منهم قد جهز ملابسه البسيطة الغالية، وهي مصنف والحزام على البطن ومعه الجنبية وعصبة الفل. وقال «أحمد علي عكور- أديب وشاعر نشهد حاليا تغيّرات وتقلصًا للاجتماع العائلي وتخلى الكثير من الأشخاص عن سلام العيد، وصاروا يكتفون بالزيارات العابرة أو رسائل التهنئة، موضحًا أن معظم الأشخاص صاروا يفضّلون السفر للتمتع بالعيد خارج البلاد بعيدًا عن الأهل؛ مما أفقد العيد بهجته لدى كبار السن الذين يبحثون عن تجمع الأسرة في مكان يضم جميع الأفراد. ويشير حسن مشهور إلى أن صورة العيد تغيّرت، والمشاعر اختلفت، وغابت اللهفة في ترقب يوم العيد، ونكهة الفرح، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا لعبت دورًا كبيرًا في هذا التغيير، كما ساهمت في برودة التواصل الاجتماعي، وقلّة الزيارات التي اعتاد الناس تبادلها في مناسبة العيد، برغم سهولة المواصلات مقارنة بأيام زمان. وأضاف أن الأطفال والشباب اختفى لديهم ترقب ليلة العيد؛ فحين كانت الفتيات والأولاد يتوسدون ملابس ليلة العيد في انتظار أن يمرّ الليل سريعًا ليأتي العيد، ويجمعون العيديات التي تمكّنهم من الذهاب إلى الملاهي وركوب المراجيح، وجولة على بيوت الأقارب والجيران وجمع الحلوى والعيديات، لكن هذه الأيام لم تعد هذه الصورة موجودة، فهم لا يرون العيد، كما كنّا نراه ونحن صغار، فالعيد يمثّل لهم هذه الأيام وجبات في المطاعم، أو سفرات وملابس وألعاب عصرية.