لم يكن مستبعدًا التوصُّل الى اتِّفاق بين الولايات المتَّحدة والمجموعة الأوروبيَّة؛ (5+1) المتضامنة معها وإيران على مشروعها النووي بعد عشر سنوات من المفاوضات الماراثونيَّة التي جعلت العديد من دول الجوار خاصَّة والمراقبين يحبسون أنفاسهم متوجِّسين خيفة ممَّا قد يؤدِّي إليه الحال لو فشلت المفاوضات وأسفرت عن حربٍ تدمِّر ما تبقَّى للعرب وللمسلمين من كرامة وأمن وحفظ للحياة في بلدان «الشرق الأوسط الشطرنجي»، حسب خارطتهم الجديدة لمنطقتنا. فمنذ تزويد إيران بجهاز الكومبيوتر الأوَّل من الدول المتحكِّمة بالعالم، فقد كان مبرمجًا عليه أولى خطوات التهيئة لبناء كان معروفًا أنَّ إيران ستمضي قُدمًا في مشروعها حتَّى النهاية. ذلك الكومبيوتر المبرمج الأوَّل، كان فاتحة للطريق المرسومة سلفًا بموافقة تلك الدول الكبرى على تملُّك إيران للسلاح النووي. وما الضَّجة المُفتعلة التي أثيرت عن «مشروع إيران النووي» إلاَّ مُخطَّطًا لابتزاز الدول العربيَّة المجاورة لإيران وامتصاصًا لثروتها النقديَّة وإيداعها في نومٍ سُباتي في نيويورك. «غضب الصهاينة» من المشروع النووي الإيراني وتهديداتهم المتواصلة بالتدخل عسكريًّا لإيقافه،كانت متناغمة مع جوقة الغرب الاستعراضيَّة التي ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب! وما أُمِن جانبه، سلمت عواقبه. وما دام الاتِّفاق قد أنجز، وللرفع من قدرات شعوب المنطقة، ولا نستثني أنفسنا، للعيش بأمن وأمان، فالواجب الوطني يقضي ببرمجة عاجلة وسريعة لمناهج التعليم، لتعطى المواد العلميَّة والتقنيَّة الأولويَّة في المناهج الدراسيَّة في المراحل كافَّة لتخريج جيل قادر على مواكبة العصر بالكفاءة ذاتها المتوفِّرة اليوم لدى الاخرين. والمجال أمامنا، على ما نحن عليه ما يزال متاحًا، واغتنام ما تبقَّى لدينا من ثروة نقديَّة لتخصيص قسم وافر منها للأبحاث ودراسات التقنية بمشاركة المعاهد والمراكز المتقدِّمة في هذه المجالات في بلدان صديقة كاليابان وفرنسا. لقد انتهى زمن الخطابة التي يتردَّد صداها في نفوس سامعيها وتذهب أدراج الرياح، وحان زمن العلم والتقنية وأبحاث العلماء ليستقرَّ في الأرض ويينعُ، وفي عقولٍ ترى الفوز السليم والصحيح في الدنيا مستهلَّ الطريق لفوزٍ قويم إلهيٍّ في الآخرة. وما أصدقَ ما قال الشاعر: فَإِنَّ المالَ يَفْنَى عَنْ قَرِيْبٍ وَإِنَّ العِلْمَ لَيْسَ لَهُ زَوالُ.