تقول العناوين إن اتفاق القوى الغربية مع إيران حول برنامجها النووي قد استهلك 240 ورقة، وأن الملاحق والمذكرات التفسيرية لمسودة القرار الأصل قد استهلكت ما يقرب من 1300 ورقة. هذا الحجم من الأوراق حول اتفاق واحد يبعث آلاف أسئلة الشك لأنه من المألوف في علم "القانون" أن بضعة حروف زائدة أو ناقصة في جملة واحدة قد تؤدي إلى اختراق عظيم وتفسير مختلف، فكيف بالوضع مع آلاف الجمل فيما يزيد على 1500 ورقة؟ خذوا فقط مجرد التعبير عن الانتصار ما بين الفريقين مساء البارحة. المتحدث باسم البيت الأبيض يقول (إن الاتفاق سيؤدي إلى منطقة أكثر أمانا وسيحد من نفوذ إيران وتهديدها لدول الجوار). في الطرف المقابل يقول الرئيس الإيراني (إن الله قد استجاب لصلوات أمتنا... إلخ). ولكي لا نتهم بالاستعجال في الحكم، فهذه الأوراق القانونية في مسودة وملاحق الاتفاق تحتاج لجيش من خبراء القانون كي يستطيعوا قراءتها وإيضاح معالمها للجمهور وقد لا يستطيعون قراءتها كاملة في بضعة أشهر. مع هذا سنبقى مع ما تيسر لنا من العناوين: الاتفاق يلزم إيران بخفض تخصيب اليورانيوم لمدة خمس سنوات، واستمرار حظر تصدير مستلزمات التخصيب إلى عشر سنين. هذان العنوانان فقط يشيران بكل وضوح إلى أن إيران ستصبح دولة نووية بالقانون والاتفاق، وكل القصة تكمن في مساحة من الزمن والمهلة. ستكون إيران دولة نووية عندما يكون باراك أوباما مجرد رئيس "أسبق" يقضي تقاعده على كرسي خشبي من "بلكونة" قصره في شيكاغو، مسقط رأسه. أحيانا، بل دائما لا يشعر المرء بالخوف من المستقبل مع مثل هذه الاتفاقات، فحسب، بل يشعر بالخوف حين يكون (الزر) النووي جوار مخدة نوم رؤساء مثل هذه الجمهوريات المضطربة. تخيلوا فقط لو أن صدام حسين امتلك هذا السلاح الذي كان يبني معامله في عام 1981 ثم كان ولو مجرد "الغبار النووي" على بعد صاروخ من كتائب داعش. إيران، وبكل القراءات تسير في هذا الاتجاه، اقتصاد منهار وشعب متململ وأكثر من ثلاثة ملايين معارض يعيشون في الخارج. كل هذه المعطيات تشير إلى ثورة إيرانية في ظرف عشر سنين... ولكم أن تتخيلوا بقية المشهد.