بيروت: نذير رضا حذر ناشطون سوريون، أمس، من سيطرة القوات النظامية على بلدات دمشق، واحدة تلو أخرى، بعد استرجاعها أمس منطقة الحجيرة (جنوب دمشق)، مدعومة بمقاتلين من لواء «أبو الفضل العباس» العراقي. وتزامن هذا التقدم مع معارك ضارية في حلب، بينما أقرت المعارضة السورية في الشمال والكتائب الإسلامية المقاتلة بتقدم القوات النظامية في ريف المدينة، رغم إعلانها «النفير العام» لمواجهة التقدم. وأكدت مصادر المعارضة في جنوب دمشق، سيطرة القوات النظامية على بلدة الحجيرة المتاخمة لمنطقة السيدة زينب في ريف دمشق، مشيرة إلى أن البلدة «شهدت قبل السيطرة عليها عمليات كر وفر، حيث حاول (الجيش الحر) صد هجوم واسع النطاق تصدره مقاتلو لواء (أبو الفضل العباس) ومقاتلون من حزب الله اللبناني». وأوضح عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أحمد الخطيب، لـ«الشرق الأوسط»، أن القوات النظامية «تتقدم ببطء، لكنها تسيطر على المناطق واحدة تلو الأخرى في جنوب دمشق، بعد سيطرتها على منطقة سبينة والذيابية والحسنية في المحيط نفسه»، لافتا إلى أن الحجيرة «شهدت أمس معارك كر وفر، وباتت ساحة معركة محتدمة، قبل تقدم القوات النظامية للسيطرة عليها». وتواصلت الاشتباكات أمس في منطقة حي المشتل وأطراف يلدا وبيت سحم، وسط قصف شنته القوات النظامية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «القوات النظامية، المدعمة بعناصر حزب الله ولواء (أبو الفضل العباس)، تمكنت من السيطرة على حجيرة بشكل كامل». وأعلن فصيل «جيش الإسلام» المعارض إطلاقه عشرات الصواريخ من نوع «غراد» على مقرات حزب الله في منطقة السيدة زينب لتخفيف الضغط عن المقاتلين في المنطقة الجنوبية للعاصمة. وقلل الخطيب من أهمية السيطرة على المنطقة، قائلا إنها «ليست آخر نقاط التماس مع دمشق، بحكم سيطرة المعارضة على مواقع وبلدات محاذية لها، مثل البويضة والتضامن ويلدا والحجر الأسود»، مشيرا إلى أنها «منطقة صغيرة تخلو من الأهمية الاستراتيجية، لأنها ليست صلة وصل بين المواقع». وحذر الخطيب من أن الوضع في جنوب دمشق «سيئ جدا»، مشددا على أنه «إذا لم يكن (الجيش الحر) يمتلك خطة قتالية لإنقاذ المناطق وإيقاف النظام عن التقدم، فإن المناطق ستسقط بلدة تلو الأخرى». وأشار إلى أن هذه المناطق «تعاني وضعا إنسانيا بالغ الصعوبة، بفعل الحصار المطبق عليها»، لافتا إلى أن أعمال الإغاثة في هذه المناطق «صعبة للغاية، وقد منعت القوات النظامية منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من إدخال المواد الغذائية أو إخراج المدنيين من مدن جنوب دمشق المحاصرة، مثل الحجر الأسود الذي شهد اليوم (أمس) وفاة طفل فيه جوعا، كذلك مخيم اليرموك والمعضمية». ويبدو أن القوات الحكومية تمارس سياسة «قضم» المناطق في جنوب دمشق، وتسيطر تلك القوات على مداخل بعض البلدات، وتطبق الحصار عليها، مثل ببيلا وعقربا المتاخمتين للعاصمة، وتتقاسم مع المعارضة السيطرة على مناطق في عقربا وحي القدم الملاصق لمنطقة كفرسوسة، كذلك المعضمية وداريا المتاخمين لمطار المزة العسكري. إضافة إلى ذلك، تسيطر المعارضة بشكل كامل على أحياء الحجر الأسود ويلدا والتضامن المتاخمة لجنوب دمشق ومنطقة السيدة زينب التي تسيطر عليها القوات الحكومية. وتنتشر في يلدا، بحسب مصادر المعارضة، «كتائب الصحابة» و«ألوية الفرقان» و«المحكمة الشرعية»، وهي كتائب معارضة في المنطقة. وبينما تمارس القوات النظامية استراتيجية القضم لجنوب دمشق، تبقى مناطق الغوطة الشرقية وخطوط تماسها مع العاصمة في قبضة المعارضة، وتحديدا في مناطق المليحة وعين ترما وجوبر والقابون التي يشهد معارك بين القوات النظامية والمعارضة منذ شهرين، كذلك حي برزة. وقال «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» إن المعارضة فجرت سيارة مفخخة في تجمع للقوات الحكومية بحي التضامن في دمشق، مما أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص وإصابة آخرين. أما في ريف دمشق، فذكرت «شبكة سوريا مباشر» أن «الجيش الحر» استهدف «بسيارة مفخخة» مبنى تتمركز فيه القوات الحكومية في محيط حاجز حي سيدي مقدادا، من دون ورود أنباء عن سقوط قتلى. في غضون ذلك، تواصلت المعارك الطاحنة بين القوات النظامية ومقاتلين إسلاميين، بينهم جهاديون، في ريف حلب بشمال سوريا، حيث يحاول النظام تحقيق مزيد من التقدم، في وقت أعلن مقاتلون متشددون «النفير العام» لمواجهته. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «القوات النظامية مدعمة بضباط من حزب الله وقوات (الدفاع الوطني) اشتبكت مع المقاتلين»، في محاولة نظامية للسيطرة الكاملة على طريق حلب - السفيرة، وهي المدينة الاستراتيجية التي استعادها النظام نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتقع تل حاصل على بعد نحو 12 كلم من السفيرة. وتأتي محاولة السيطرة على البلدة بعد أيام من استعادة النظام بلدة تل عرن القريبة منها، والواقعة كذلك على طريق السفيرة - حلب. وأكد المركز الإعلامي السوري أن المعارك تتركز على 3 جبهات في ريف حلب وسط قصف مدفعي من قبل القوات الحكومية، في وقت يشهد محيط الجامع الأموي (وسط المدينة) قتالا «عنيفا»، في حين أعلنت حركة «أحرار الشام» الإسلامية «وصول تعزيزات عسكرية من الحركة وفصائل أخرى إلى جبهة حلب»، وذلك بعد إعلان الفصائل المعارضة المقاتلة النفير العام في حلب وريفها. وكانت المهلة التي حددتها الفصائل المقاتلة للالتحاق بجبهة حلب وفق النفير العام الذي أعلنته أول من أمس، انتهت أمس.