طالب مجلس نسائي نظمته الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي واستضافته جمعية النهضة النسائية بدبي، بمشاركة عدد من الجهات المختصة في علاج وتأهيل ومتابعة مدمني المخدرات وتوظيفهم، وعدد من القيادات النسائية المعنية والمتخصصة، وأدارته الكاتبة الصحفية ميساء بن غدير، بضرورة تفعيل دور الاختصاصي الاجتماعي في المدرسة، لمعالجة السلوكات غير السوية الخاصة بالطلبة والطالبات، ومحاولة التعرف إلى أسبابها، والتنبيه إلى مخاطرها. آفة خطرة وفي بداية المجلس أكدت ميساء بن غدير ان قضية المخدرات من القضايا المهمة التي تستلزم تكاتف كافة الجهات المعنية في الدولة لمكافحتها، مشيرة الى أن تلك الآفة مدمرة لحياة أسر بكاملها، واستعرضت قصة شاب مضى عليها ما يقرب من 20 عاما أدمن في عمر 15 عاما ، حيث أرسلته أسرته للدراسة في إحدى الدول الأوروبية، وهناك بدأ بشم الغراء، ثم اتجه لتجربة كافة أنواع المخدرات، حتى أدمن ولم يجد الرعاية الكافية، وكان شاباً محبوباً بين أسرته وأصدقائه وحنوناً، ورغم معاناته، ومحاولة إخراج أسرته له من الإدمان أحب فتاة وتزوجها بعد أن تم علاجه لفترة إلا انه ارتد للتعاطي بعد 3 أشهر فقط من الزواج وتوجه للعلاج بأحد مراكز الدولة، ثم دخل السجن ونال حكما 4 سنوات، وأثناء تواجده بداخله أصيب بالإيدز من خلال حقنة ملوثة كان يتبادلها عدد من النزلاء، ورغم أن زوجته كانت صابرة عليه، ورغبت في انتظاره والاستمرار معه إلا أن الإصابة بهذا المرض كان صاعقة بالنسبة لها، وطلبت الطلاق، وجلست لتربية طفلها الوحيد من ذلك الزوج وعاشت مأساة حقيقية، وحالياً ابنها في سن السابعة عشرة، وهي تجلس وحيدة لتربيته، بينما الشاب توفي. وطالبت ميساء بن غدير بتعديل تشريعي لخفض سن إلحاق المدمن في مراكز التأهيل مشيرة إلى حالة واقعية لطفل عمره 13 عاماً أدمن المواد المخدرة، ورفضت كل الجهات استقباله، إلا بعد التوسط لدى إحدى الجهات، وتم إلحاقه بأحد مراكز التأهيل وعلاجه، لافتة الى أن سن التعاطي انخفض وأصبحت المواد المخدرة يتعاطها المراهقون. حالة واقعية واستعرض المجلس تجربة أم تعاني وقوع ابنها البكر فريسة تعاطي المواد المخدرة وهو في سن الطفولة، بسبب أصدقاء السوء ومحاولتها لتقويمه، وإعادته إلى حالته الطبيعية رغم المأساة التي تعيشها بعد وفاة زوجها على أثر مرض مزمن، وتكفلها بتربية 5 أطفال غيره . وروت الأم صغيرة السن قصة ابنها البالغ من العمر 19 عاماً بداية تعاطي ابنها الحبوب المخدرة الترامادول وهو في عمر 12 عاماً تقريباً عندما كان في الصف الأول الإعدادي، رغم انه كان من المتفوقين دراسياً، إلا أن أصدقاء السوء هم من علموه الاعتياد على تلك الحبوب باختلاطه بشباب أكبر منه سناً. وتقول الأم أ. ر إنها فوجئت ذات يوم باتصال من المدرسة للحضور، وتركت عملها وتوجهت لهناك وفوجئت بإبلاغ مدير المدرسة لها بأن ابنها في حالة غير طبيعية وأنه عثر معه على حبوب الترامادول ولم تصدق أن طفلها في هذه السن الصغيرة من الممكن أن يكون على علم بتلك الحبوب، ورغم أن طفلها كان غير متوازن وكذبت الأمر، وأشارت الى أن ابنها كان ملتحقا بأحد النوادي وأن مصروفه اليومي لم يكن يزيد على 10 أو 15 درهماً، ولكن أصدقاء السوء كانوا يمنحونه الأقراص المخدرة مجانا، وفوجئت في مرحلة لاحقة بقيام مسؤولي النادي الذي يتدرب فيه بإبلاغ الأجهزة الأمنية وتم استدعاؤها من قبل إدارة المكافحة لأنها في ذلك الوقت كانت ولية أمر ابنها ، نظراً لسفر والده للعلاج في الخارج من مرض السرطان. وأفادت أنه عند تحليل دم الطفل تبين أنه ايجابي للتعاطي، ونظراً لصغر سنه طلب مني رعايته ومحاولة علاجه، وكان الأمر صدمة بالنسبة لي لأنه ابني البكر وكانت آمالي فيه كبيرة، وعرفت وقتها أن شقيق أحد أصدقائه هو من علمه التعاطي وهو الذي كان يجلب تلك الحبوب ويوزعها على الأطفال لأنه كان مدمنا، وكان الابن ينكر انه يتعاطى شيئا، ولكنه كان دائما غير طبيعي، وعصبي، وقليل الحديث مع أشقائه، بل أصبح عدوانياً في بعض التصرفات. وأكدت الأم انه بمجرد علم الأب في بداية المشكلة قام بضرب طفله، وترتب على ذلك ترك الطفل البيت والتوجه لبيت صديقه وهنا تم اصطياده بشكل اكبر، مشيرة الى انه انقطع عن الدراسة لسنوات، وحاليا يدرس لاستكمال دراسته إلا انه لا يزال في مرحلة العلاج. احتواء من جانبها قالت أمل الفقاعي من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، إن مرض الأب وابتعاده عن الأسرة للعلاج أحدث فجوة لدى الصغير، خاصة من جانب الأم التي فقد تواجدها الدائم بجانبه نظرا لانشغالها بالأب وبعملها، وقالت إن مفتاح الأمل حاليا لإقلاع هذا الشاب عن الإدمان هو الأم، ولابد من زيادة الجانب العاطفي لطفلها، وضرورة تحميله المسؤولية تجاه أشقائه الصغار خاصة بعد وفاة والده، مؤكدة انه من خلال الحالات التي تقوم بمتابعتها لا يوجد أم لا تلاحظ تغير ابنها، بل إن حملات التوعية التي تقوم بها أجهزة الشرطة حاليا ووجود أرقام مجانية للتواصل والاستشارات ساهم في كسر الحاجز النفسي بين أفراد المجتمع، وأجهزة الشرطة. مسؤولية الجميع من جانبها قالت أسماء إسماعيل من هيئة تنمية المجتمع إن دور الاختصاصي الاجتماعي والنفسي في المدارس اختفى، ولا بد ألا نحمل الأسر والأمهات كل الخطأ، فدور المدرسة مهم ولكنه اختفى لعدم وجود الاختصاصي المؤهل، أو وجود مختص واحد فقط لأكثر من 800 طالب على سبيل المثال، مشيرة إلى أن حضور المدرسة مطلوب ، وتكاتف جهات عدة أمر مهم لعلاج تلك المشكلة من جذورها وحماية أبناء المجتمع وخاصة المراهقين، وأشارت الى أن تكاتف جميع الجهات من شؤون اجتماعية، وأجهزة شرطة، ومدارس، ونواد، وغيرها مطلوب ، موضحة أن مركز عونك التابع لهيئة تنمية المجتمع بدبي يقبل من هم اقل من 18 عاماً للعلاج والتأهيل من الإدمان. من جانبها قالت الدكتورة ليلى محمد حسن من مستشفى الأمل بدبي انه لا بد من تكاتف جميع الجهات حتى تنجح رسالة الجهات المختصة في رسالتها في الحد من عمليات الإدمان، ولا بد أن يكون هناك قانون يعفي المتعاطي أو المروج للمرة الأولى من عقوبة السجن، ومعاملتهم كحالات مرضية، خاصة أن المروج للمرة الأولى قد يكون مضطراً من اجل الحصول على جرعة، ولا بد ألا يكون هناك خلط بين المروج المتمرس والمروج الصغير، لافتة بأن بعض الأسر لا تتعاون خاصة عندما يكون لديهم ابن مدمن خوفاً من نظرة المجتمع إليهم، مشيرة الى أن المستشفى يستقبل يوميا ما بين 70 أو أكثر من المضطربين نفسيا ومنهم سيدات وفتيات، وقالت نهى الرستماني مديرة إدارة التوظيف ببرنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية إن هناك تعاونا بين البرنامج وشرطة دبي لتوظيف الشباب التائب من آفة المخدرات منذ عام 2009، لافتة الى أن البرنامج يقوم بعمليات تدريب وتأهيل للعمل في مجالات الفنادق والعقارات والبنوك، وشركات الطيران، ومحال الصرافة وغيرها، وأشارت الى أن هناك 138 طلب توظيف وصل من شرطة دبي، وتم التوظيف فعليا لنحو 40 شاباً من التائبين، وهناك من يعتذر عن الوظيفة، او يتهرب من الرد على الاتصال، وهناك نسبة ضئيلة للغاية بعد توظيفهم في شركة شبه حكومية انتكس بعضهم وكانت حالات فردية، وأكدت أن بعض الأمهات عند الاتصال بأبنائهن لتوظيفهم يرفضن التجاوب، ويعتذرن ومنهن من يتبين أنهن أبلغن عن أبنائهن مجدداً، وبعضهن من تبلغ أن ابنها توفي. مساعدات التائبين واستعرضت عفراء أحمد، وذكرى أحمد من بيت الخير جهود الجمعية في مساعدة التائبين وأسرهم حيث ذكرتا أن هناك مساعدات شهرية لنحو 42 تائبا تقدم في الوقت الحالي وتمنح لمدة عامين، حتى يستطيع الحصول على وظيفة أو إعانة من الشؤون الاجتماعية إضافة إلى مساعدة أسرهم برواتب شهرية، ومساعدات أخرى عينية في المناسبات كالأعياد، وشهر رمضان، وعند دخول المدارس وغيرها. واستكملت مريم سالم مديرة إدارة التربية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية مؤكدة أن هناك مساعدات شهرية تصرف لأسر المدمنين، وأشارت أيضا الى أن هناك أنشطة وبرامج مختلفة بالوزارة وهناك مبان للخدمة المجتمعية، ولكن لا بد من وجود مكاتب استشارة للأمهات والأسر لدعم تلك الأسر من اجل كيفية التعامل في حالة وجود متعاط أو مدمن. وقالت فاطمة الزرعوني من جمعية النهضة النسائية إن مركز حور للفتيات يقدم استشارات في هذا الصدد للأسر خاصة ان البيت هو المسؤول الأول عن تربية الأبناء ، مشيرة إلى أن الحالة الاجتماعية للأسر تؤثر بشكل مباشر في حالة الأبناء ، وأشارت الى انه ينبغي على كل أسرة إلا تنتظر أن يكون لديها حالة مدمن ، ولا بد من الوعي المجتمعي بمخاطر هذه الآفة حتى نحمي الجميع.