رام الله: كفاح زبون أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بوقف بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنات، في خطوة، أنقذت المفاوضات التي كادت تنهار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بعدما قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، (أبو مازن) وقفها فعليا، قبل أن يتدخل الأميركيون في الساعات الـ24 الماضية التي كانت متوترة وحاسمة. وأصدر نتنياهو، أمس، تعليماته إلى وزير البناء والإسكان، أوري أريئيل، بإعادة النظر في جميع إجراءات التخطيط لبناء الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة في الضفة التي أعلنتها وزارته أول من أمس. وقال نتنياهو للوزير أريئيل: «هذه الخطوات التي اتخذت دون تنسيق مسبق لا تساعد الاستيطان بل بالعكس». وعد نتنياهو الخطوات التي أعلن عنها بأنها «لا تنطوي على مغزى قانوني أو عملي وتثير تحفظات في المجتمع الدولي وتقود إلى صدام غير مبرر معه، في الوقت الذي نحاول فيه إقناعه بالتوصل إلى اتفاق أفضل مع إيران». ونشر مكتب نتنياهو هذه البيان، وقال فيه، إن «رئيس الوزراء لم يكن على علم مسبق بهذه القرارات»، وأكد أن وزير الإسكان استجاب لطلب رئيس الوزراء. وكان أبو مازن، هدد فورا بوقف المفاوضات، وطلب من كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، الاتصال بالإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن والأمم والمتحدة واللجنة الرباعية الدولية والأمين العام للجامعة العربية ولجنة مبادرة السلام العربية، وإبلاغهم بقرار وقف المفاوضات إذا لم يتراجع نتنياهو. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبو مازن ضاق ذرعا بمحاولات إسرائيل استغلال المفاوضات من أجل بناء مزيد من المستوطنات». وأضافت: «هذا أصبح يشكل استهتارا بالسلطة والمفاوضات والمجتمع الدولي وفيه محاولة لإحراج القيادة الفلسطينية وإظهارها بمظهر المتخاذل والمتواطئ». وفجر غضب أبو مازن أكثر من أي شيء آخر أن البناء المتوقع كان كبيرا وضخما ويشمل كذلك منطقة «إي 1» بين رام الله والقدس. وبحسب حركة «السلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان فإن المشروعات التي كان محتمل إقامتها تشمل إنشاء 19786 وحدة سكنية في الضفة الغربية و4000 وحدة في القدس الشرقية، من بينها إقامة 1200 وحدة سكنية إضافية في المنطقة «إي 1» القريبة من القدس. وتكتسب هذه المنطقة تحديدا، أهمية استثنائية بسبب موقعها وسط الضفة الغربية. ويعني البناء في «إي 1» بالنسبة للفلسطينيين ربط إحدى كبريات مستوطنات الضفة الغربية (معاليه أدوميم) بالقدس، وهو ما من شأنه تقسيم الضفة الغربية إلى نصفين، ومحاصرة القدس تماما بحزام استيطاني، وعزلها عن باقي الضفة الغربية. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبو مازن كان أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصيا في آخر زيارة له إلى رام الله بان أي بناء في (إي 1) يعني فورا نسف كل الاتفاقات، وتوجه السلطة إلى محكمة الجنايات الدولية». ويبدو أن أبو مازن كان على وشك اتخاذ قرار كبير فعلا، بعدما دعا القيادة الفلسطينية، ممثلة باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومركزية حركة فتح، والأمناء العامين للفصائل، إلى اجتماع طارئ في رام الله، بالأمس، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة وتضغط على إسرائيل ويتراجع نتنياهو فألغي الاجتماع. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، اتصل بالرئيس الفلسطيني من أجل تهدئته، بعدما أعلن عريقات من دون لبس أن أبو مازن يعتبر عملية السلام منتهية إذا لم تتراجع إسرائيل عن قراراتها الأخيرة. وفي وقت سابق عبرت الولايات المتحدة عن «قلقها» حيال إعلان إسرائيل عن عطاءات قياسية لبناء الوحدات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، مطالبة الحكومة الإسرائيلية بـ«توضيحات». ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أميركية قولها، إن «واشنطن تعتقد أنه حتى الشروع في المراحل الأولى من التخطيط لبناء المستوطنات لا يساعد في خلق الأجواء الملائمة لاستمرار مفاوضات السلام». وأثارت الخطوة الإسرائيلية والتراجع عنها جدلا داخل إسرائيل نفسها. وانتقد وزير العلوم الإسرائيلي يعكوف بيري، قرار وزير الإسكان، قائلا إنه محرج لإسرائيل، ومضيفا: «نحن موجودون في ذروة أيام حساسة للغاية. إن بلاغا كالذي أصدره الوزير أريئيل لا يضر بالمفاوضات السياسية فحسب، وإنما على الجهد المركز الذي يديره رئيس الحكومة الآن في المسألة الإيرانية». أما وزير الشؤون الاستخبارية، يوفال شتاينتس، فقال، إن «البناء الاستيطاني يجب أن يستمر، ولكن من خلال التنسيق مع رئيس الحكومة». وأضاف: «رئيس الحكومة يتصرف بنشاط كبير في الساحة الدولية، لكن في فترة حساسة إلى هذا الحد، في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل التأثير على الدول العظمى في الملف النووي الإيراني، يجدر التشديد على التنسيق معه». ولم يقتنع الفلسطينيون بأن نتنياهو لم يكن على علم بالخطط الجديدة. وقال نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية لفتح: «لست أفهم من أين جاءت آلاف هذه البيوت. لا أفهم من يقرر بناء 20000 وحدة سكنية، وكيف يكتشف ذلك رئيس الحكومة عن طريق الإعلام؟». وطالب وزارة الخارجية الفلسطينية، الدول كافة، خصوصا الرباعية الدولية والولايات المتحدة بتحمل مسؤولياتها وفقا للقانون الدولي، في توفير الحماية لشعبنا، وأرض دولة فلسطين المحتلة. وعدت الوزارة نفي نتنياهو، وإدعاؤه عدم العلم بهذه المناقصة، وطلبه من وزير الإسكان تجميد العطاءات، بأنه «لا يعدو كونه ذرا للرماد في العيون، لأن الخبرة الفلسطينية في مثل هذه الحالات، والمعطيات على الأرض تكذب ذلك، حيث حدث وأن نفت أوساط إسرائيلية مثل هذه النشاطات الاستيطانية، بينما استمر البناء الاستيطاني على الأرض».