كشفت خروقات الهدنة، التي بدأت بعد منتصف ليل الجمعة الماضي، في الساعات الأولى من بدئها، أن الهدنة حبر على ورق خطته الأمم المتحدة بدون فرض شروط على جماعة الحوثي الانقلابية كخطوة أولى لتمديدها ووقف إطلاق النار تمهيدًا لاستئناف الحوار السياسي بحثا عن حل شامل. ويؤشر فشل الهدنة وانسداد سبل الحل السياسي إلى تعقد الأزمة اليمنية على مختلف الاتجاهات الأمنية والإنسانية، وبحسب مراقبين فإن الهدنة التي ولدت ميتة حملت سيناريوهات أسوأ للشعب اليمني، بما فيها غياب الأمل في عيد بلا حرب، واستغلال جماعة الحوثي الأوضاع في فرض مزيد من الحصار على بعض المدن اليمنية بما يفاقم الأزمة الاقتصادية ونقص الغذاء والدواء، فضلا عن توقعات بخروج الأزمة من نطاقها المحلي وامتداد تأثيرها إلى المستوى الإقليمي. وتأتي البطالة إلى جانب نقص الغذاء والدواء والوقود لتجسد الوضع الاقتصادي الحالي في اليمن والذي تسبب فيه الحوثيون وأدى إلى حرمان اليمنيين من فرص العمل وكل سبل الحياة. وفي هذا السياق، قال أحد الشباب بصنعاء "ما حدث لم يكن مفاجأة فحسب، بل كان صدمة لم تخطر ببالي، لقد درست أكثر من ستة عشر عاماً وأنا أتطلع للحصول على فرصة وظيفية جيدة أستطيع من خلالها تأمين أساسيات معيشتي، فضلاً عن مشروع الزواج والمسكن، لكن الواقع المر يجعلني أؤجل بمرارة أحلامي تلك، أما الأكثر خطورة فهو استمرار بقاء ميليشيات الحوثي المتمردة وسقوط اليمن في مستنقع الدماء والدمار". ومن جانبها، أوضحت مصادر محلية أنه رغم عدم توفر بيانات وإحصائيات نهائية ودقيقة عن حجم البطالة في اليمن، فإن اتحاد نقابات عمال اليمن يقدر عدد الذين فقدوا أعمالهم خلال الأزمة الراهنة بثلاثة ملايين عامل من العمالة المؤقتة وغير المؤقتة. وبحسب اقتصاديين، فإن القوى العاملة في اليمن تقدر بخمسة ملايين عامل، منهم مليون و250 ألفاً منضوون في الجهاز الحكومي، في حين أن عدد العاطلين يصلون إلى سبعة ملايين فرد. وأشارت المصادر إلى أن الوضع الصعب الذي يعيشه اليمنيون حاليا، يؤكد عدم نجاح الحوثيين بعد الانقلاب الذي سيطروا من خلاله على العاصمة صنعاء، في معالجة الوضع المعيشي المتدهور، فحياة اليمنيين أصبحت طوابير في قطاعات الحياة المختلفة، ويركز المتمردون الحوثيون جهدهم على جبهات القتال، حيث تستحوذ على النسبة الكبرى من المشتقات النفطية، وهو أمر أدى إلى ارتفاع الأسعار وإغلاق أغلب المحال والشركات، ما أسهم في زيادة نسبة البطالة بشكل غير مسبوق. وعلى صعيد آخر- وحسب محللين سياسيين- فإن خرق الهدنة من قبل ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبدالله صالح يعني ابتداء حالة عجز وتراخ من قبل الأمم المتحدة، رغم الجولات المكوكية لمبعوثها الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فقد فشل في الحصول على موافقة حقيقية مشروطة تفرض على الحوثيين وقف القتال، وهو ما دفع قيادة قوات التحالف أن تعلن أنها غير معنية بالهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن، طالما أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من الشروط الواجب توافرها، وطالما أن الطرف المضر بالشعب اليمني "ميليشيات الحوثي وقوات صالح"، لم يعلن الالتزام بها. ووفقا للمحليين فإن فشل الهدنة وعجز الأمم المتحدة عن التوصل إلى حل سياسي يضع الساحة اليمنية والإقليمية أمام سيناريوهات حرجة، ويؤشر على احتمالية ذلك تصريحات سابقة لنائب الرئيس رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح، بأن "الحرب في اليمن لم تعد حربًا داخلية فحسب، وإنما أصبحت حربًا إقليمية لا بد من سرعة الحسم فيها، وذلك يحتاج إلى تدخل عربي سريع".