اليوم طوى البحار حتى جاني خبر فزعت منه بآمالي الى الكذب 00نعم فنبأ وفاة امير السياسة العربية وعميد وزراء خارجية العالم سمو الامير سعود الفيصل اتى كالصاعقة واحدث في نفسي هزة كبيرة فكنت ما بين المصدق والمكذب لكنه حكم القدر الذي لا مفر منه ولا مهرب وكم تعجز الحروف والكلمات ان تفي لهذا الرجل ما يستحقه من اشادة وثناء عطر ، ولا يمكن ان نأتي على ذكر تاريخ الدولة السعودية الثالثة ولا نأتي على ذكر عطائه ومنجزاته والنجاحات السياسية التي حققها للحفاظ على نهضة بلاده ومصالحها الحيوية وقضايا امته بصفة عامة ، فقد وهب سموه رحمه الله حياته لخدمة دينه ووطنه وشعبه وسخر فكره وجهده للإسهام في بناء مظلة الامن والسلام والطمأنينة والاستقرار على ربوع المنطقة والعالم ، وسيظل هذا العطاء الثر والمنجزات وعلى مرور الاجيال شاهداً حياً على صدق العطاء والولاء والاخلاص ، ولن تنسى اروقة جامعة الدول العربية ومنظمة الامم المتحدة ومجلس الامن واللجان والمؤتمرات والمحافل الدولية صولاته وجولاته التاريخية لنصرة قضايا بلاده وامته العربية والاسلامية وشعوب العالم المقهورة . يا راحلاً وجميل الذكر يخلفه **** بقاء ذكرك مسلاة عن العدم وما بين ميلاد سموه ورحيله ومحطات مشوار سموه الحافل بالجد والعطاء تذكرت تلك القصيدة الجميلة التي أبدعها الأديب والشاعر عبد الحميد عنبر رحمه الله بمناسبة مولد سمو الأمير عام 1358هـ ـ 1940م بالطائف والتي قال في مطلعها : رفرف القمري في الفجر على *** فنن الروض ينادي بالسرور إلى أن يقول : وكذا العرب سمت أمالها *** ناظرات يوم ميلاد الأمير كوكب السعد زهت طلته *** فأضاءت من محياه السرور فسعود الشعب في مولده *** انطق الشعر بمكنون الشعور حتى يختتم قصيدته مخاطباً جلالة الملك فيصل رحمه الله بقوله : ابنك الشبل سعود في العلى *** عاش للعليا وللحق نصير حقاً لقد عاش سموه ومن مولده حتى رحيله رحمه الله وطيلة هذه المسيرة الحافلة بالمتغيرات والأحداث التي لا تهدءا منافحاً عن قضايا الحق والعدل والمساواة للشعوب الإسلامية والعربية وكان بحق مهندس الدبلوماسية الخارجية السعودية ورجلها الأول وبشهادة كبار القادة ورجال السياسة والدبلوماسيين . ولقد شكلت مسيرة سموه نموذجاً مشرفاً للعمل المتواصل الذي لم يعرف التوقف ومنذ توليه منصب وزارة الخارجية طوال اربعين عاماً حتى وهو في اقسى حالات المرض ، ولعله يقف وراء هذا التوهج والعطاء المنقطع النظير عدة عوامل يأتي في مقدمتها توفيق المولى عز وجل له وما وهبه اياه من صفات فطرية كالحنكة والفطنة والذكاء الحاد وتأثره بوالده الملك فيصل رحمه الله ومدرسته التربوية المميزة التي تجمع ما بين الرحمة والشدة والالتزام بالمنهج والسلوك الاسلامي والاعتماد على النفس والدقة والالتزام بالمواعيد وحب المعرفة وغيرها ، الى جانب التحاقه بالمدرسة النموذجية بالطائف التي انشاها الملك فيصل عام 1366هـ والتي كانت ومنذ ذلك التاريخ نموذجية بالفعل حيث استقى منها سموه اجمل المثل والقيم التربوية والتعليمية فانعكست على شخصية سموه وايمانه بالعديد من المبادئ والقيم التي عاش مهموماً بها عاملاً من اجلها مواصلاً ليله بنهاره لإيصال صوت العقل والحكمة لكافة حكومات وشعوب العالم . لعمرك ما وارى التراب فعاله *** ولكنه وارى ثياباً واعظما وكم كنت اتمنى ومنذ زمن بعيد ان تكون هناك مبادرة محلية او عربية او إسلاميه لتكريم هذا العلم الرمز والرجل الاستثنائي وقد كتبت مقالاً بهذا الشأن في هذه الجريدة بتاريخ 9 ذو القعدة 1431هـ – اكتوبر 2010م بعد الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء آنذاك باحتفاء عدد من الدبلوماسيين الروس والعرب في موسكو بمناسبة مرور (35) عاماً على تولي سمو ه لمنصب وزير الخارجية في بلادنا الغالية منذ عام 1395هـ بعد وفاة والده الملك فيصل رحمه الله الذي كان يشغل هذا المنصب إضافة لكونه ملكاً للبلاد وكونه اقدم وزير خارجية في العالم بل وعميدها بلا منازع، وما تحدث به المشاركون بهذه الندوة من كبار الشخصيات الروس والعرب عن سموه إلا خير دليل على ما يتمتع به سموه من كفاءة ومقدرة عالية في هذا المجال ومن احترام واسع على النطاق العربي والاسلامي والدولي عموماً ونظرته السياسية الصائبة والشمولية لكافة الأمور والاحداث والمتغيرات في العالم . وتمنيت فعلاً ان لا تمر مثل هذه المناسبة هكذا دون الاحتفاء بسموه الكريم وبجليل ما قدمه من عمل وجهود دائبة وحركة لا تعرف السكون وبرامج عمل متخمة بالقضايا والتحديات والمناورات وما حققه من انتصارات للدبلوماسية السعودية في العديد من القضايا والمواقف هذا إلى جانب العضويات والمهام الأخرى التي كان يقوم سموه بكافة التزاماتها ومتطلباتها خير قيام ، ولتظل بلادنا في مستواها المميز والمشرف بين دول العالم وبما رسمه ووضعه لها قادتها الأجلاء من مبادئ سياسية ثابتة وبما تتمتع به من مقومات وتاريخ عريق وارث إسلامي خالد . لقد عاش سموه في قلوبنا وطيلة اكثر من نصف قرن ويصعب علينا ان ننساه بعد ان تعودت العين على مراه في كل مناسبة وكل حدث ولكن ليس لنا في هذا المصاب الجلل الا ان نقول (انا لله وانا اليه راجعون) وصادق العزاء والمواساة ارفعها لوالد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وسمو ولي العهد الامين وسمو ولي ولي العهد واخوة الفقيد الاجلاء وأبناؤه النجباء والاسرة الحاكمة الكريمة والشعب السعودي والى جنة الخلد تنعم في ظلالها بأمر الله راضياً مرضيا قرير العين.