حذر باحثون بريطانيون في دراسة جديدة السيدات من ارتداء أحذية الكعب العالية من جهة تسببها بارتفاع أعداد النساء المصابات بحالة مرضية تسبب تلف الأعصاب، وآلامًا لا تطاق في القدم. قال الباحثون من الكلية الملكية للجراحين بأدنبرة إن حوالي 2532 امرأة، تراوحت أعمارهن بين الـ 40 و69 عاماً، دخلن المستشفى خلال العام الماضي، بسبب معاناتهن التهاب أعصاب مورتون (morton>s neuroma)، وهي زيادة مؤلمة في سمك الأنسجة بين الأصبعين الثالث والرابع، وقد تؤدي لاعوجاج أصابع القدم، حيث إنها تنثني باتجاه المفاصل الوسطى ما يجعلها تظل منثنية حتى بعد خلع الحذاء. ومن أهم مسببات التهاب أعصاب مورتون ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي، والأحذية الضيقة والمدببة التي تشكل ضغطاً على العصب في المسافة بين المشطين الثالث والرابع. وكانت دراسة بريطانية سابقة قد كشفت بالإضافة للآثار السلبية المتعارف عليها مثل آلام وتشوهات القدم، فإن ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي على مدى الأعوام يغير من تكوين العضلات والأوتار في الساقين والقدمين. وأوضحت الدراسة التي نشرت في مجلة علم الأحياء التجريبي أن ارتفاع الكعب العالي والوضع المائل للقدم يؤدي إلى انقباض عضلات الساق، ومع مرور الوقت يتسبب هذا الانقباض المتكرر في قصر ألياف العضلات وزيادة سمك وتر الكعب، لدرجة أنها قد تجعل بعض السيدات اللاتي اعتدن ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي يشعرن بالألم عند ارتداء الأحذية المسطحة أو الرياضية. وقالت المتحدثة باسم الجمعية الأمريكية الطبية للعناية بالقدم جوهانا يونر إن ارتداء المرأة لأحذية ذات كعب عال سيسبب تشوهًا في جسمها، مضيفة كلنا نعلم أن الأحذية ذات الكعب العالي تبدو جميلة لكن الجسم غير مصمم لها، ولا توجد طريقة للتحايل على هذا. وفي الدراسة الأخيرة قام ماركو ناريتشي وبعض من زملائه بالعمل من جامعة مانشستر متروبوليتان بالنظر إلى حالة 80 امرأة تتراوح أعمارهن بين 20 و50 عاماً وكلهن اعتدن ارتداء أحذية يصل طول كعبها 2 إنش (5 سم) على الأقل بشكل شبه يومي لمدة عامين أو أكثر، وأظهرت النتائج أن 11 امرأة شهدن ألماً وعدم شعور بالراحة عند المشي بأحذية مسطحة. وتم عمل مقارنة بين الأشعة فوق الصوتية لهؤلاء السيدات اللاتي يرتدين أحذية ذات كعب عال وأخريات لا يرتدينها، واتضح أن ألياف عضلات الساق لدى المجموعة الأولى أقصر من مثيلاتها لدى المجموعة الثانية بحوالي 13%، بينما أظهر الرنين المغناطيسي أن وتر الكعب أو الوتر الأكيلي الذي يربط عظمة الكعب بعضلة الساق أصبح أكثر سمكاً وتصلباً عند المجموعة الأولى. وأضافت العالمة بمعهد أبحاث تقدم السن في مركز هيبرو لرعاية كبار السن في مدينة بوسطن الأمريكية ماريان هنان أن هذه الدراسة رائعة لأنها توضح الآليات التي تجعل الأحذية ذات الكعب العالي مصدر تعاسة مستمرًا للسيدات اللاتي يرتدينها، ويمكن أن يكون لهذه الدراسة تأثير مهم في تصميم الأحذية في المستقبل كما أنها تحفز مصنعي الأحذية على البحث عن طرق تجعل الأحذية أنيقة دون أن تتسبب في أضرار صحية جسيمة للمرأة. وكانت عدة دراسات سابقة قد بحثت أضرار الكعب العالي، وخلصت كلها إلى نتيجة واحدة وهي أن الحذاء الذي يؤلمك سيضرك. ومن الجدير بالذكر أن الكعب العالي له أضرار صحية عديدة، ومن أبرزها الضغط على الظهر والركبتين، وزيادة في مخاطر التعرض للكسور والتواء الكاحل أثناء المشي خاصة حين تكون الأرض غير ممهدة. ويتسبب ارتداء الكعب العالي أيضاً في الإصابة بـاعوجاج هاجلاند وهو نتوء عظمي خلف وتر الكعب ينتج غرسا في الأنسجة المحيطة بوتر الكعب. وللأحذية الضيقة دور في تورم العظم أو الأنسجة المحيطة بالإصبع الأكبر ما يؤدي لانحراف الإصبع الأكبر في اتجاه الإصبع الثاني. وترى يونر أن ارتداء الكعب العالي بشكل منتظم يتعلق بنظرة المجتمع، حيث قالت المجتمع يدفع المرأة أن تفعل هذا نتيجة مقاييس الجمال السائدة فيه وبالطبع كل امرأة تريد أن تكون جميلة ولا تنتبه أنها بهذا تشوه جسدها. وفي سياق متصل، وجد الباحثون أن ارتداء الخف المطاطي المسطح ليس هو الحل للخف عن الأضرار الجسيمة التي تلحق بالمرأة من جراء الارتداء المستمر لأحذية الكعب العالي كما يعتقد البعض، حيث إنه ليس به دعامات لقوس القدم أو لامتصاص الصدمات وقد يجعل أصابع القدم تتشنج أثناء المشي لتحمي القدم من الانزلاق. وقالت يونر لقد صادفت العديد من الإصابات التي نتجت عن ارتداء الخف، حيث إنه مصمم ليتم ارتداؤه على الشاطئ، وليس للمشي على أرض أسمنتية، وفي حالة اضطرار المرأة لارتداء أحذية ذات كعب عال لسبب أو لآخر، يجب عليها أن تقلل المشي أو الوقوف قدر الإمكان، كما ينصح بارتداء حذاء ذي كعب عريض كي يتم توزيع الوزن على القدم بشكل أفضل. وأضافت: الوقت الأمثل لشراء الأحذية هو آخر يوم كي تكون قدمك قد وصلت لأكبر حجم لها.