موجع جداً أن تقرأ عناوين إخبارية دولية مثل: إرهابي سعودي، تفجيري سعودي، انتحاري سعودي! أطالع هذه العناوين وأنا أتجول بين مواقع مؤثرة عالمياً وناطقة باللغة الإنجليزية، وأأسف جداً لما يتبناه العالم المتقدم من صورة حول شعب وبلد زاخر ببعض أجمل العقول المؤثرة إيجابيا في المنطقة بأسرها. نحن فعلاً أمام مأزق متجدد تجاه فهمنا دولياً، وكيف يتلقانا الآخر! وإن كان التفجيريون والإرهابيون على هذا القدر من الوقاحة والفجاجة في تدمير صورتنا إقليميا ودولياً، فمن الواجبات البديهية أن نواجههم بنفس الجرأة ونؤسس لخارطة طريق عملية وعقلانية لتحجيم أثرهم على واقعنا ومستقبلنا في جانب العلاقات الإنسانية في كل اتجاه. وهنا لا يحضرني دور أكبر من ذلك الذي يمكن أن تلعبه المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام. وربما تجدون في هذا المقال شيئا من الحلول العاجلة للتبصير والتنوير الممكن عبر أهم المواقع تأثيراً خلال حياة الإنسان. في التعليم العام، علينا أن نعيد للفنون مكانتها، بدءا من إقرار دروس في علاقتنا بموسيقانا الشعبية! ومن أهم الواجبات هنا تسهيل المعرفة لجميع طلاب المراحل الدراسية بأن يفهموا شيئا من تاريخ «العرضة» وقصتها في التكوين الوطني للمملكة. ما هي الأصوات؟ وما حكاية الشجن في المجرور؟ وكيف ارتبطت المقامات الحجازية بالتنوع والثراء الذي يعكس حقيقة التعدد في منطقة التقاء مختلف الأعراق. وفي الجامعات على سبيل المثال، علينا أن نعيد للمسرح وظيفته الحقيقية، فبالإضافة إلى دور المسرح الجامعي في تصدير قدرات إبداعية في جانب الكتابة والتمثيل، يجب التفكير جديا في إعادة تخصصات تم إيقافها في كليات الآداب، كتخصص المسرح وصناعة الدراما بشكل عام! كما يجب النظر جديا في استحداث تخصصات الكتابة الإبداعية بجميع فروعها، هذا إلى جانب التصميم والديكور للأغراض الفنية والإنتاجية بشكل عام. وعلى كل هذا أن يأخذ مكانه عاجلاً بالتوازي مع العمل دون تباطؤ على تأسيس كليات للفنون الجميلة وتخصصاتها الإبداعية المحررة للعقول. وهنا يبرز دور التحفيز الإعلامي والرسمي عبر مسابقات سنوية ترصد جوائز قيمة من شأنها أن تعزز الجدوى المعنوية والمادية لوجود هؤلاء الشباب والشابات على المستوى المجتمعي والثقافي. باختصار، ما يجب أن يحدث هو خطة عمل وطنية تهدف إلى استعادة شبابنا وتضييق الفرصة على العابثين بعقولهم وما ينتج عن ذلك من توسع في احتمالات الركون للتطرف وما يتمخض عن كل هذا من ميل للعبث بالأرواح. وبالمناسبة، فهذا الأثر المعرفي الإيجابي هو ما لا تفعله المعارض والحملات التوعوية وحدها. بل تأتي الحلول العاجلة المقترحة في هذا المقال لكي ننقل الأثر الثقافي من منطقة التجريب المرتبطة بالمناسبات إلى منطقة الفعل الثقافي الدائم. ربما تأخرنا كثيرا عن تقريب شبابنا من مناطق ثراء تعدد مجتمعهم الأصيل، لكن البدء في كل حال.. هو أفضل من بقائنا ضمن دائرة رمادية الاحتمالات!