عندما نتكلم عن ضرورة تغيير بعض المفاهيم المتعلقة بالثقافة الجمعية، يعني إدخال مفاهيم جديدة على الكثير مما تعود الناس سماعه والضخ في عقولهم خلال فترات سابقة، فذلك لتأكيد الثقافة الوطنية، والثقافة الوطنية تعني فيما تعني المحافظة على كيان الأمة ومكوناتها كلها سواء من تركيبة عرقية أو دينية أو مناطقية، بحيث تحفظ للكل كرامته وتميزه، هذا التميز الذي يقود للأفضل، والاحتفاظ بالأصالة التي تحمي هذا التنوع. الثقافة كما قدر أن تعرف هي (الكل المركب الذي يشمل المعتقدات والعادات والتقاليد كما تشمل المعارف، الفنون بأنواعها، والعرف والعادات كذا جميع القدرات التي يكتسبها الفرد مؤثرا ومتأثرا). عندما نقول مركب فإننا نعود بذاكرتنا لأيام الدراسة والفرق بين الخليط والمركب، فالمركب هو الذي لا يمكن فصله إلا بطرق كيميائية صعبة، بينما الخليط سهل فصله، تداخل أطراف الثقافة مع بعضها، يجعلها مركبة ومتداخلة جدا، حيث مكوناتها ترتبط ببعضها ارتباطا قويا، ولكن من الممكن تطوير الكثير من الأفكار بواسطة عدة طرق ومنها طرق تقبل الشخص المختلف، وهذا ما كنا نمارسه إلى حد قريب في مختلف المجالات، حتى أتت ثقافة أخرى أثرت كثيرا بواسطة الضخ الكثير الذي أثر بطريقة أو بأخرى في العلاقة الجميلة، لذا لابد من التأثير على الثقافة الجمعية، وعودة العلاقة الجميلة تتطلب استعمال نفس الطريقة بالضخ الإعلامي والمدرسي والجامع والنوادي وكل مناحي الحياة لتعيد التوازن الذي بدأ يختل، ولا يعيده إلا بتطوير الكثير مما لدينا ومنها العودة للمجاورة الحسنة والقبول. إن انزواء البعض في مناطق خاصة يمنع هذا التداخل أو يحد منه، حيث المدارس التي كانت تجمع الأبناء أصبحت تجمع مكوّن واحد. كذا هذه المدارس تحتاج لمعلمين يعرفون كيف يقدمون المعلومة الجيدة ومعها التحفيز للعلم والمعرفة، والمساعدة في التنمية التي تتطلب معرفة جيدة في حقوق الإنسان وما وقعت عليه المملكة العربية السعودية من بنود وتوصيات، وتكون ضمن المنهج للوطنية، ولكنها تتداخل مع المناهج الأخرى كمنهج اللغة العربية وخاصة التعبير والإنشاء، المساجد عنصر مهم جدا، حيث الدين الركيزة الثانية للثقافة بعد اللغة، يساهم الإمام والمتلقون في فتح أبواب للعودة لثقافتنا التي تعودنا عليها، وهو الحب للكل وتقبل الكل، كل ذلك مع وجود ضخ إعلامي قوي ليس عبرالإذاعة والتلفزيون فقط ولكن عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمسلسلات والندوات وتقوم بهذه المهمة النوادي الأدبية والثقافية. ولا شك أن دور الفنون من رسم وموسيقى ونحت سيكون كبيرا في التقريب وكنت أتمنى لو كان لدينا سينما لأثرت تأثيرا طيبا في مراجعة الكثير من المفاهيم. كل ذلك سينعكس على الممارسات اليومية التي تحمي الوحدة الوطنية وتحمي مكونات مجتمعنا من التفكك. عندما ننادي بتغيير بعض المفاهيم والتي من أهمها احترام عقيدة الآخر خاصة ونحن جميعا مسلمون، نحن نتقبل بيننا الكثير من المقيمين، والأولى أن نتقبل بعضنا البعض، عندما نحاول تغيير بعض المفاهيم لا يعني الانسلاخ من ثقافتنا العربية الإسلامية ولكن نعني المحافظة عليها وعلى المكونات الصحيحة للثقافة. في النهاية إذا كانت الثقافة تعني الإصالة والمعرفة بالمستجدات العلمية، وهي التطور العلمي والميداني في المدن والطرق والتصرفات، ونحن يكفينا في ديننا أن التبسم صدقة وأماطة الأذى عن الطريق صدقة، والسلام على بعضنا البعض جزء أساسي من ثقافتنا العرية الإسلامية، فكيف لا نتصدق على انفسنا في الحب والتعاون والخير لوطننا؟!