ترزح الأندية السعودية تحت ديون تقدر بمئات الملايين نتيجة الاستهانة والمبالغة في إبرام عقود مع لاعبين محليين وأجانب أحدهم وقع مع نادٍ شهير بمبلغ 60 مليون ريال ولم يلعب إلا مباراة أو مباراتين. تعتبر الأندية الرياضية في المملكة جهات حكومية تتبع للرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولكن ما يحدث أن هذه الأندية تدار من قبل مجالس إدارة منتخبة أو مزكاة، ونتيجة لأولويات وظروف ومعطيات معينة يقدم المسؤول الأول في النادي على جلب لاعب محترف بمبلغ مالي كبير، ويتم التوقيع معه ويمثل الطرف الأول في هذا العقد النادي التابع في الحقيقة للدولة وليس للشخص أو الرئيس الذي يرغب في هذا اللاعب، مع العلم أن بإمكان هذا الرئيس أن يغادر منصبه في اليوم الذي يلي توقيعه دون أدنى مسؤولية عليه بعد أن يُغرق أو يُورط النادي في هذه الملايين تاركاً الحمل للرئيس المقبل، لأنه لا يوجد نظام لإبراء الذمة في هذه المجالس. إن أي وزير أو مسؤول مخول من الحكومة بتوقيع العقود مع الشركات أو المؤسسات لديه صلاحيات مالية وسقف لا يستطيع تجاوزه نظاماً في إبرام العقد، وعلى الرغم من أن لجنة الاحتراف في اتحاد كرة القدم أصدرت قراراً قبل عام يحدد السقف الأعلى للاعب المحترف بمبلغ مليون ريال في السنة إلا أن هناك تجاوزات تقع فيها الأندية برغبتها في تسجيل اللاعب مما يجبرها على دفع مبالغ خارج العقد، وحتى في حال الالتزام بالنظام فإن التأخير في صرف المبالغ يطال جميع اللاعبين الذين تطلعنا الأخبار بعدم استلامهم رواتبهم وبعض مستحقاتهم لعدة أشهر. إن الديون المتراكمة على نادي الاتحاد والتي تقدر ب240 مليون ريال (أي ربع مليار) ليست إلا رأس جبل الجليد الذي سيواجه كل الأندية السعودية الغارقة في الديون وتعتمد على الهبات والتبرعات، واليوم يكون قد مضى على بداية الاحتراف في المملكة 22 عاماً، ونرى أن المنجزات التي تحققت في الكرة السعودية لا تساوي هذا الصرف العبثي، بل إن جُل منجزاتنا الكروية بنيت على أساس نظام الهواة، ولا نعلم على أي أساس يتم تقييم اللاعبين بعشرات الملايين، في وقت تغيب الأندية السعودية عن الإنجازات الإقليمية والقارية، والمنتخب الوطني كذلك تراجع تصنيفه على مستوى الفيفا بشكل كبير، ونسي منصات التتويج ويقف اليوم على أطلالها. إن المبالغ الكبيرة التي نراها تدفع في الأندية الأوروبية هي نتيجة تحويل هذه الأندية إلى شركات تعتمد الربح والخسارة، فالتعاقد مع لاعب بمئة مليون يورو يتم وفق جدوى اقتصادية واضحة، بل إننا نذكر بأن نادياً اسبانياً تعاقد مع لاعب بمبلغ فلكي، وعندما سئل رئيس النادي عن ضخامة المبلغ وجدوى اللاعب، صرح قائلاً : "إن النادي قد استرد هذا المبلغ قبل أن يخوض اللاعب مباراة واحدة"، وبالتالي فإن اللاعب في أوروبا هو مشروع تجاري وليس شيئاً آخر. إن تدخل رعاية الشباب لتدارك الأزمة الحاصلة لنادي الاتحاد والذي كان أحد مبرراته منع إيقاع عقوبات تؤدي إلى هبوطه لمصاف الدرجة الأولى، أمر قد يواجه أي نادٍ آخر، ونخشى أن تجد الكرة السعودية نفسها تحت طائلة عقوبات تم فرضها من قِبل "الفيفا" على اتحادات أخرى مثل الاتحاد الكويتي أو المصري أو الجزائري نتيجة للتجاوزات غير المدروسة أو المخالفات.