×
محافظة حائل

موجة مطرية باردة تجتاح القصيم والوسطى.. غداً

صورة الخبر

تمنيت لو كانت تلك القصة الدرامية، التي كتبها الدكتور سلمان العودة عن مقيم تشادي مرحل، عن واحدة من (عجائزنا) المترملات الكسيرات الحزينات. أو عن واحدة من بناتنا اللواتي يتكففن الضمان الاجتماعي، أو حتى عن ذلك الولد الذي ينتظر كرسيه المتحرك منذ سنوات. أو لتكن، إن لم يسعه كل ما فات، عن تلك الأسرة السعودية التي تنتظر كل يوم سيارة مؤسسة إطعام لتعطيها هي وعيالها وجبة العشاء.!! كل ذلك كان مطلوبا وممكنا من الدكتور، مع احتفاظنا بحقه في الفزعة لمن يريد من المرحلين، الذين أرفض، على كل حال، أي إجراء في حقهم خارج الأنظمة والقوانين. لكن الدكتور، نفعنا الله بعلمه وعاطفته، صرف من وقته الثمين الكثير ليوحي لنا بأن الأجهزة الحكومية (غلطانة) حين ترحل مقيما غير نظامي بعد أن تشبعت رئته برائحة الأرض وامتلأ قلبه بالذكريات والأحلام.. إلخ. طيب كم من سعودي سفت رئته غبار الأرض وعض الحصى ورقص في كل أيامنا الوطنية، ثم طارده (الديانة) وباع (الوانيت) حيلته لكي يتجنب دخول السجن. وكم من سعودية، ولاؤها لوطنها يفوق ولاء مليون تشادي أو صومالي، ثم وجدت نفسها تتكفف الأرصفة وتخاطب طوب الأرض لتخرج من حزمة البديلات المستثنيات أو الخريجات القديمات العاطلات وتحصل على وظيفة تسترها وتستر أسرتها.؟!! وكم من متقاعد خدم البلد ثلاثين أو أربعين سنة ثم هو لا يقدر الآن على شراء صندوق طماطم ؟! ما لدينا، يا دكتور، من القصص والحاجات، مشفوعا بحب وولاء أكيد لبلادنا وهوائها وأحلامها وذكرياتها، يكفي وزيادة. وأنت تعلم أن الأقربين أولى بالمعروف وأولى بالمساعدة المادية والمعنوية إن كان لديك فائض منها. أما أن تعبر فزعاتك البحار فهذا ما لا نتوقعه من إنسانيتك المحلية، التي لا زلنا نأمل أن تكون نابضة وحاضرة في حياتنا وواقعنا. وبما أننا اكتشفنا لديك هذه الموهبة في الكتابة الدرامية فإننا سنطمع أكثر بحنانك لتدبج لنا قصص المعاناة التي نعترف كلنا، مؤسسات وأفراد، بوجودها ونحاول جاهدين حلحلتها ووضع حلول حقيقية وناجزة لها. ومن ضمن هذه الحلول أن تعود الأرض وفرصها ووظائفها، بالحق والقانون، لأهلها الذين اشتدت عليهم وطأة المعيشة. وألا يوجد عليها، أي على هذه الأرض، إلا من نحتاجه نظاميا لكي لا يتواصل مسلسل الارتخاء والاستسهال وتكبر الحكاية إلى الدرجة التي يصعب السيطرة عليها. وما ننتظره منك، بارك الله فيك وفي عمرك، أن نقرأ قصة سعودية ترتقي إلى تلك المعاني الإنسانية النابضة التي وجدناها في قصة ذلك التشادي الذي حظي بوقفتك وموقفك الكريمين. ولا مانع أن تكون لك وقفتان: الأولى تشادية وقد حصلت والثانية سعودية وهي ما ننتظره. ولن يكفينا أن تكتب تغريدة أو تغريدتين تصرفنا بهما عن جميل حرفك القصصي وعمق إحساسك الإنساني.. لن نرضى بقصة أقل من قصة: مواطن بلا هوية التي خرجت من قلبك إلى قلب كل التشاديين.. حفظك الله.