الدوحة - الراية: اعتمد الاتحاد الدولي للجمعيات الوطنية مؤخراً مشروع "الجراحة في زمن الحروب" الذي أطلقه الهلال الأحمر القطري في شهر مارس الماضي، كما تم إدراجه على منبر التعلم في الموقع الإلكتروني الخاص بالاتحاد على شبكة الإنترنت والذي يتضمن دورات تدريبية لرفع كفاءة العاملين في مختلف مجالات العمل الإنساني. واعتبر د. محمد الصفدي رئيس إدارة الخدمات الطبية ببعثة الهلال الأحمر القطري في تركيا والمشرف على البرنامج هذه الخطوة من جانب الاتحاد الدولي اعترافاً منه بأهمية هذا البرنامج وفائدته الكبيرة للكوادر الطبية العاملة في مناطق النزاعات المسلحة الناطقة باللغة العربية، خاصة في الداخل السوري حيث يواجه الطبيب حالات تستدعي إجراء عمليات جراحية بشكل شبه يومي في ظل توافر الحد الأدنى من تبادل المعلومات والخبرات بين الجراحين، ما أدى إلى عدم حدوث تطور ملموس في جودة الخدمة المقدمة للجرحى على مدار السنوات الأربع الماضية. والمشروع عبارة عن برنامج تدريبي باللغة العربية يهدف إلى تطوير مهارات الأطباء والجراحين في التعامل مع الإصابات المعقدة أثناء الحروب، عبر سلسلة من المحاضرات العلمية المصورة للطبيب اليوناني الشهير د. كريستوس جيانو، وهو خبير متخصص في جراحة الحروب وصاحب باع طويل في هذا المجال، حيث تمتلئ سيرته الذاتية بالإنجازات كطبيب متطوع مع الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان طوال 10 أعوام، قبل أن يشغل منصب كبير الجراحين في اللجنة الدولية لمدة 30 عاماً. وتكمن أهمية المشروع، الذي بلغت تكلفة إنتاجه 40.675 دولاراً أمريكياً (147.898 ريالاً قطرياً)، في شموليته لجميع حالات الجراحة الحربية والأساليب العملية لتفادي ندرة التجهيزات وتطوير قدرة الجراح للتغلب على أهوال الموقف وصعوباته. ويغطي البرنامج 18 موضوعاً باللغة العربية منها: إصابات البطن، اختيار التكنولوجيا المناسبة، المبادئ الأساسية لجراحة الحروب، صدمات المخ، إصابات الوجه، البتر وأذى الألغام الأرضية، إصابات الرقبة، الأعصاب والأربطة، إصابات الحوامل، الإنعاش، الحبل الشوكي، إصابات الصدر، فرز الإصابات، إصابات الأعضاء التناسلية، إصابات الأوعية الدموية، جروح الحروب، الإصابات بشظايا القذائف. ويسعى البرنامج، الذي يتوافر على شبكة الإنترنت وفي أقراص دي في دي لأطباء الجراحة في الداخل السوري، إلى تطوير مهارات الكوادر الطبية العاملة في الميدان للتعامل مع إصابات الحروب وعلاجها جراحياً دون الحاجة إلى الخروج من المستشفى أو المركز الطبي كما هو واقع الحال مع الأطباء العاملين في الداخل السوري، وقد حرص الهلال على توزيع المواد العلمية هناك في صورة أقراص مدمجة لتفادي مشاكل الاتصالات وانقطاع الإنترنت وضمان وصول البرنامج إلى الفئة المستهدفة. وفي تعليقه على البرنامج الجديد، قال د. جيانو: "هذه المبادرة من الهلال الأحمر القطري هي مثال ساطع على التفاني والالتزام الإنساني ومحاولة لمساعدة أولئك الذين يعملون في ظروف صعبة من خلال استغلال الأفكار الكلاسيكية جنباً إلى جنب مع التكنولوجيا الحديثة .. العمليات الجراحية في الحروب عمل لا يتمنى الجراح أن يقوم به، ولكن الكثيرين منا يضطرون رغما عنهم إلى القيام بها لإنقاذ الضحايا من الجرحى والمصابين، ولا ننسى أن الحركة الإنسانية الدولية برمتها ولدت في ساحة المعركة لتحمل معها الأمل في تخفيف وطأة الحرب وفظائعها. ولكن يجب أن نتذكر أيضاً أن التدخل الطبي أثناء الحرب يعني العمل وسط الخطر بأقل قدر من الموارد، مما يتطلب منا التمتع بالخيال والارتجال للقيام بما هو في متناول اليد من أجل التخفيف من المعاناة وحماية الحياة والكرامة الإنسانية".