أوصى المتحدثون في ندوة عن جنوح الأحداث التي استضافها مجلس عارف الشيخ، أمس، بضرورة إنشاء محرك بحث على الإنترنت، يستقطب رموز المجتمع، لتوجيه الأبناء إلى السلوك القويم، وأن يكونوا قدوة حسنة لغيرهم، وكذلك إعادة النظر في خفض سن الحدث في القانون الإماراتي، وخاصة في الأحداث الشديدي الجنوح، الذين يرتكبون الجرائم الخطرة التي تصل إلى حدّ القتل، وإجراء المزيد من الدراسات للأحداث، وتحليل الدوافع لارتكابهم الجرائم الخطرة، وطرح عدد من المبادرات التطوعية والنشطة اللاصفية، لشغل أوقات الفراغ وتحقيق الذات، والتركيز على تعزيز القيم الدينية في المناهج الدراسية، وغرسها لدى الأبناء مدخلاً للتحصن الذاتي من مخاطر الانحراف، كما ناشدوا الجهات المعنية بوضع استراتيجية وطنية شاملة تسهم فيها جميع الأطراف المعنية للحدّ من انحراف الأحداث. واستهل الدكتور خليفة السويدي مقدم برنامج خطوة، الندوة بالقول: فكرة المجالس الرمضانية لوزارة الداخلية تأتي من باب استثمارها لإثارة الكثير من القضايا التي تعالجها وزارة الداخلية باحترافية، سواء من مبدأ الوقاية خير من العلاج، أو من باب أخذ رأي الناس والتحاور معهم في مناقشة هذه القضايا. مضيفاً أنه يتزامن انعقاد هذا المجلس الذي يستضيفه عارف الشيخ، مع ذكرى وفاة الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه، وكان رحمه الله نيّته تسبق عمله، وهذا الإخلاص في الأعمال جعلها مستمرة على مرّ الأيام والسنوات، وخلدها ليس في ذاكرة الإماراتيين فقط ووجدانهم، بل حتى من طالتهم هذه الأعمال الحسنة في أرجاء الأرض. وقال عارف الشيخ: نترحّم على مؤسّس الاتحاد وباني هذه الدولة الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، إنه رحل وما رحل. مضيفاً بيتي رثاء للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان، قائلاً: من قال إنك غبتَ عن دنيا الورى؟/ من قال إنك متَّ حتى تُقبرا؟ إن غبتَ أو غُيّبتَ عن أنظارنا/ فصداكَ قد ملأ المدائنَ والقرى ونتضرع إلى الله بأن يمنّ بالصحة والعافية على صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ويحفظه، وأن يحفظ صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، و صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وليّ عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصحاب السموّ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات. وأوضح أن الجريمة موجودة من أيام قابيل، لكن جرائم اليوم اختلفت عنها في السابق، فجريمة قابيل عندما ارتكبها وأراد أن يخفيها، لم يعرف كيف يتصرف، أما جرائم اليوم فهي مقننة ومخطط لها، ومدروسة وعلم يدرس ودورات تؤخذ فيها، مشيراً إلى أن حماية المجتمع مسؤولية الجميع، فلا تلقى على عواتق رجال الأمن فقط، لكن الجميع يتحملون عبء التصدي لها ومكافحتها، من أفراد ومؤسسات؛ حكومية وخاصة، والوقاية خير من العلاج. من جانبه رأى العميد أحمد ثاني بن غليطة مدير إدارة الحدّ من الجريمة بالإدارة العامة للتحريات في شرطة دبي، أن مناقشة موضوع جنوح الأحداث يحتاج إلى أكثر من جلسة، مضيفاً أنه يوجد خلاف حيال تحديد سنّ الحدث، فالبعض يقول إنه دون السابعة عشرة، وآخرون يرونه في الثامنة عشرة. وأشار إلى أن عدد البلاغات بحق الأحداث في إمارة دبي، بلغ في عام 2013، 178 بلاغاً، و 172 بلاغاً في عام 2014، وتتنوع جرائم الأحداث بين السرقات بتفصيلها، والسبب الرئيس وراءها تعاطي المؤثرات العقلية، إضافة إلى الحوادث الجنسية وغيرها. وصنف الحدث إلى خمس فئات؛ فئة تحمل جنسية الدولة وجوازها، وأخرى تحمل جواز الدولة، وثالثة لا تحمل جوازاً ولا جنسية، والرابعة تحمل جنسية جزر القمر، والفئة الخامسة تحمل جنسيات أخرى، ولكل حالة من هذه الفئات لا بدّ أن يكون هناك حل منفصل يناسبها. وذكر الدكتور محمد مراد عبد الله مدير مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي، أنه تم إنشاء أول جمعية لرعاية الأحداث بدبي عام 1991، مشيراً إلى أن مشكلات الأحداث في السابق تختلف تماماً عن نظيراتها في الوقت الحالي، ولكن بعضها كان قاصراً على المشاجرات البسيطة، معرفاً الحدث بأنه كل من زادت سنه على سبع سنوات، وقلت عن الثماني عشرة. ولفت إلى أن الدراسات الحالية تشير إلى أسباب جنوح الأحداث، ووصلت إلى 11 سبباً، أهمّها رفقاء السوء، موضحاً أن جريمة الحدث هي جريمة مشتركة، فلا يوجد حدث ارتكب جريمة بمفرده، ولكن بمعاونة صديق أو زميل له أو طرف آخر. كما لفت إلى أن قياس رواج مخدر الترامادول في السوق، من عدمه، يكون بناء على سعره في الأسواق، ففي الوقت الذي يصل سعر الشريط إلى 250 درهماً، يعني ذلك أن هناك شحّاً في المعروض بين المروجين. وذكر راشد المهيري رئيس قسم خدمة المجتمع في شرطة دبي، أن السلوك الإجرامي يتعلمه الحدث من البيئة التي يعيش فيها، وبعد تأهيل الشخص وإصلاح سلوكه، فإنه من المتوقع أن يعود إلى سابق أفعاله قبل ضبطه وتوقيفه، لأن البيئة التي خرج منها منحرفاً مازالت هي نفسها، ولذلك ستؤثر فيه سلباً عندما يعود إليها مرة أخرى، مؤكداً ضرورة وجود شراكة وتعاون بين المؤسسة الدينية (الأوقاف)، والمدرسة، ومجموعة من الأقران المرشدين. وقال الملازم أول علي ضيف الله رئيس قسم الدراسات بالمؤسسة العقابية والإصلاحية، إن دور المؤسسة العقابية النمطي انتهى، وأصبح لها دور آخر، وهو التأهيل، مشيراً إلى أربعة مستويات من التأهيل تتمّ للمنحرف، منها التأهيل الديني والترفيهي. وأضاف أن الأهم من التأهيل مسألة استقبال النزيل بعد انتهاء مدة محكوميته، وخروجه من المؤسسة العقابية، حيث لابدّ من احتوائه وتوفير البيئة التي تعزز لديه الثقة بنفسه.