جدل واسع أثير بالقاهرة عقب إقرار مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار أحمد جمال الدين رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس، مشروع قانون مكافحة الإرهاب، مع إبداء بعض الملاحظات الخاصة بالمسائل الإجرائية التي تضمنها القانون. وفي أعقاب موافقة مجلس القضاء الأعلى على القانون، ظهرت العديد من التعليقات المتباينة حول ذلك القانون، ما بين إقرار بعدم دستوريته والتأكيد على أهميته وضرورة وجوده بالساحة المصرية، نظراً لما تواجهه مصر من إرهاب غاشم يهدف لتفتيت الدولة وهدمها، فيما من المقرر إرسال ملاحظات مجلس القضاء الأعلى إلى وزارة العدالة الانتقالية، تمهيداً لإحالته إلى قسم التشريع بمجلس الدولة مجدداً، لإجراء المراجعة القانونية بشأنه على ضوء تلك الملاحظات. ويأتي قيام مجلس القضاء الأعلى بمراجعة مشروع القانون في إطار ما أناطه به الدستور وقانون السلطة القضائية من اختصاص في النظر في كل مشروعات القوانين المتعلقة بالعدالة وإجراءات التقاضي. شبهات وطعن وبينما ينادي المصريون بضرورة وأهمية مواجهة الإرهاب، لا سيما عقب سلسلة الهجمات المسلحة التي نفذها متشددون في شمال سيناء الأسبوع الماضي وخلفت عدداً من القتلى في صفوف الجيش، رأى البعض أن ذلك القانون الخاص بمكافحة الإرهاب تشوبه شبهات عدم الدستورية. وأكد الخبير الدستوري البارز د.ثروت بدوي، أن القانون عُرضة للطعن عليه وإقرار عدم دستوريته، انطلاقاً من شبهات حول تقييد الحريات، في الوقت الذي ينص فيه الدستور صراحة على الحريات وعدم تقييدها وبالتالي فهو قانون مرفوض بشكله الحالي. حوار مجتمعي في السياق، طالب مراقبون بطرح القانون للحوار المجتمعي ليكون الشعب المصري مشاركاً بالرأي في إقراره، لا سيما في ضوء ذلك الجدل الدائر حول مواد القانون ودفع البعض بعدم الدستورية، الأمر الذي أثاره حزب الوفد الليبرالي على لسان عضو الهيئة العليا للحزب طارق تهامي، مشدّداً على ضرورة الحوار المجتمع حول القانون كي يتم ضمان عدم وجود آثار سلبية للقانون من شأنها تقييد الحريات عبر بوابة مكافحة الإرهاب. تحديات ماثلة بدورهم، استنكر آخرون تلك الدعوات الخاصة بإجراء حوار مجتمعي حول القانون، إذ أوضح البرلماني السابق والكاتب الصحافي مصطفى بكري، أن المرحلة الحالية تتطلب وضع القانون الخاص بمكافحة الإرهاب وإقراره انطلاقاً من تلك التحديات التي تشهدها مصر، لا سيما في شمال سيناء وما تشهده من تطورات أمنية خطيرة، مشيراً إلى أنه لا خلاف على ضرورة وجود مثل ذلك القانون المُهم ولا خلاف على أهمية مواجهة الإرهاب، وبالتالي فلابد من طرح القانون في أسرع وقت لا سيما أنه تمت مراجعته جيداً من مجلس الدولة وإقرار دستوريته. 33 أثارت العديد من مواد القانون جدلاً واسعاً، لا سيما المادة 33 المتعلقة بأن يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عملية إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن، وهي المادة التي اعتبرها الكثيرون قيداً على حرية الصحافة. كما أثارت المادة 6 من القانون ذاته جدلاً، والتي أثيرت حولها العديد من الشبهات، والتي تنص على أنه لا يُسأل جنائياً القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضرورياً وبالقدر الكافي لدفع الخطر.