×
محافظة المنطقة الشرقية

الإعدام لـ 24 متهماً بقتــل 1700 جندي عراقي من قاعدة سبــــايكر

صورة الخبر

متأرجحاً بين القوة والضعف، والهزيمة والنصر، والتمدد والانحسار، بلغ تنظيم «داعش» عامه الثاني من إعلان ما أسماه «دولة الخلافة». وفيما يطرح بقاؤه وتمدده تساؤلات مصيرية حوله، فإن الخسائر الأخيرة التي تكبدتها «داعش» على يد القوات الكردية أخيراً في شمال سورية لا تشر بالضرورة إلى إضعاف الجماعة الإرهابية، وسقوط مدينة تل أبيض التي تقع على الحدود السورية التركية - وإن كانت انتصارات مهمة - إلا أنها من غير المرجح أن تسفر عن تحولات جوهرية على أرض الواقع. في مقابل تلك الانتصارات المحدودة، نجد أن المكاسب الدرامية لتنظيم داعش في مدينتي الرمادي وتدمر تؤكد مدى فعالية التنظيم في الحفاظ على حدود دولته المركزية، وفضائه الذي يهيمن ويسيطر عليه من الموصل إلى حلب، ومن كل ما يهدده. إستراتيجية الولايات المتحدة في حرب «داعش» كانت تعتمد على الغارات الجوية والشركاء على الأرض، فقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة شنت أكثر من 4200 غارة جوية خلال تسعة أشهر، ويخطئ من يقلل من شأن وفاعلية أثر هذه الضربات على التنظيم، فالغارات الجوية الأميركية أدت إلى تراجع التنظيم من مناطق عدة في العراق، مثل عين العرب وتل أبيض، وحتى الانتصار على «داعش» في عاصمة صلاح الدين «تكريت»، لولا غارات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم الإرهابي، لما تمكن الحشد الشعبي وقاسم سليماني من الانتصار عليه، وقد أدت الغارات وفق البنتاغون إلى مقتل أكثر من 10 آلاف من مقاتلي تنظيم داعش، ولولا هذه الغارات لربما تمكن «داعش» من التمدد إلى بغداد وأربيل وحدود دمشق، ولكن هذه الغارات والطلعات مهما بلغت كثافتها قد يمكن أن يكون لها دور في احتواء وصد التنظيم من التوسع من بعض الجهات، ولكنها لا يمكن أن تضعف من قدرات وقوة التنظيم الفاعلة على الأرض، أو أن تكون قادرة على التخلّص منه، وإذا كان هدف التحالف الدولي من إستراتيجية الحرب ضد «داعش» هو إضعافه والقضاء عليه في النهاية، والذي من المرجح أن تظل غايته النهائية غير قابلة للتحقيق لمدة طويلة جداً، فإن الولايات المتحدة هي أحوج ما تكون إلى معالجة مشكلة رئيسة في الحرب على «داعش»، وهي ما يتعلق في الإشكال والاختلاف، أو التناقض بين الوسائل والغايات في إستراتيجيتها، وذلك: أولاً: بأن تنظر إلى الأسباب الموضوعية التي أدت إلى صعودها وتناميها في المنطقة، والتي من أهمها حال العجز والفشل السياسي المتمثلة في السياسات الطائفية الممنهجة في العراق وسورية، إذ لم يتغير شيء منذ مجيء رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، الذي لم يختلف كثيراً عن سلفه المالكي في سياسة الإقصاء والتهميش للسنّة في العراق، وإذا لم تعمل حكومة بغداد على إشراك جميع أطياف المجتمع، ومن بينهم السنّة، في الحياة السياسية والأمنية للبلاد، فإن العراق والمنطقة يسيران ويمضيان نحو الهاوية. وقد أشار إلى هذه الحقيقة الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، القائد السابق للقوات الأميركية في العراق، الجنرال المتقاعد ديفيد بتريوس، بأن تنظيم «داعش» لا يمكن دحره باستخدام السبل العسكرية فقط، ولا يمكن التعامل معهم فقط «بقوة السلاح»، بل يجب أن يكون للسياسة دور بارز في محاربته. ثانياً: من أكثر العناصر خللاً في إستراتيجية التحالف الدولي هي تلك المتعلقة بحال عدم التنسيق بين عنصري الغارات الجوية والقوات البرية؛ وبصورة أوضح عدم وجود شركاء يمكن الاعتماد عليهم في محاربة التنظيم، وطبيعة هؤلاء الشركاء وتمثيلهم، فإطلاق يد الحشد الشعبي المكون من ميليشيات تتبع لإيران من حيث الآيديولوجية والتسليح وحتى التدريب والمستشارين، وفي المقابل وضع العوائق والموانع كافة أمام تشكل قوة سنية أو تسليح العشائر السنيّة، وهو ما ينعكس بالسلبية على بقاء السنّة على الحياد في الحرب ضد «داعش»، هو ما أصاب الإستراتيجية بالشلل وعدم الفاعلية، بل وبسهولة التقهقر والانهزام أمام قوى «داعش»، وإذا كان الأكراد قد مثلوا قصة نجاح بالنسبة للولايات المتحدة في شمال شرقي سورية، فمن المستحيل أن يتورطوا في عمق الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، وهو ما يعني نهاية إستراتيجية الولايات المتحدة في استخدام الأكراد لهزيمة داعش في سورية؛ لأن الأكراد قد استعادوا جميع أراضيهم، ولذلك يتفق الكثير من المحللين بأن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يكونوا قادرين على القيام بخطوات فاعلة من أجل القضاء على «داعش»، إلا بحل سياسي يتمثل بتشكيل حكومة وحدة وطنية بشكل حقيقي في العراق أولاً، تقوم بتمثيل كل الطوائف وتستوعب العرب السنّة فيها، وذلك بالتوازي مع السعي في حل الأزمة في سورية والتوصّل إلى اتفاق تسوية بشأن عملية الانتقال في البلاد، وحل عسكري من خلال وجود شركاء على الأرض يمكن الاعتماد عليهم في مواجهة قوة تنظيم داعش، بإنشاء حرس وطني في العراق، يضمّ ممثّلين عن الطائفتَين السنّية والشيعية في البلاد؛ بغية منع تنظيم داعش من استغلال التظلّمات السنّية، وضرورة دعم القوى المعارضة التي تقاتل داعش والنظام في سورية.