أكَّد متخصصون على أنَّ المرحلة الحالية تستدعي تهيئة مكة المكرمة لمواكبة الانتهاء من المشروعات الكبرى التي تشهدها حالياً في مجال توسعة البيت الحرام وما تشهده المنطقة المركزية من مشروعات تطويرية، إلى جانب مشروعات النقل وإنشاء محطات القطار وشبكات المترو والحافلات، وذلك من خلال رفع كفاءة التعليم والتدريب ومخرجاته، إلى جانب رفع مستوى أداء العاملين في الحج والعمرة، وكذلك توفير الخدمات التي تسهم في تغذية الفكر وتطويره، إضافة إلى إعداد جيل من الشباب قادر على تحمل المسؤولية. وأضافوا أنَّ الحاجة تدعو أيضاً إلى تجهيز المرشدين السياحيين المحترفين، في ظل فتح المجال أمام (30) مليون معتمر وحاج لزيارة مكة المكرمة بمجرد انتهاء مشروعات التوسعة، وذلك من خلال تحرُّك هيئة السياحة والتراث العمراني بتهيئة قوافل المرشدين للعمل، إلى جانب إيجاد حل لتعثُّر قطاع الإرشاد السياحي، وكذلك دعم شركات التنظيم السياحي، إضافةً إلى منح هيئة السياحة مهمة الإشراف على قطاع العمرة، مع تحقيق وثبة جديدة للعمل السياحي تواكب المتغيرات التي طرأت على البُنية التحتيَّة لمكة المكرمة. بناء الإنسان وقال ماهر بن صالح جمال -رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة-: «إنَّه من المهم أن يتمَّ تحقيق تطلُّعات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في بناء الإنسان لتهيئة مكة الجديدة لمواكبة الانتهاء من المشروعات الكبرى، وذلك من خلال رفع كفاءة التعليم والتدريب ومخرجاته، إلى جانب رفع مستوى أداء العاملين في الحج والعمرة، وكذلك توفير الخدمات التي تسهم في تغذية الفكر وتطويره، إضافة إلى إعداد جيل من الشباب قادر على تحمل المسؤولية وتمكين القادرين منهم على القيادة». حجم الوظائف وأكَّد سعد القرشي -رئيس لجنة النقل في الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة- على أنَّ الضخ الحكومي الكبير في مجال النقل بإنشاء محطات القطار وشبكات المترو والحافلات، يتطلب مزيد من التعريف أمام القطاع الخاص ومؤسسات التدريب والتوظيف والابتعاث؛ لمعرفة حجم الوظائف التي ستوفرها هذه المشروعات، مشيراً إلى أنَّ نقل القطارات أكثر من (9000) راكب إلى مكة المكرمة في الساعة الواحدة من المحطة الرئيسة في الرصيفة، بحاجة إلى أسطول من مركبات النقل. وأضاف أنَّ هذه المركبات لابُدَّ أن تكون مختلفة الأحجام، على أن تضمَّ سيارات التأجير وسيارات الأجرة وحافلات، وذلك تأهباً لتشغيل المحطات ما بين جدة ومكة المكرمة، بما فيها مطار الملك عبد العزيز الدولي، لافتاً إلى أنَّ ضخامة مشروع محطات القطارات يتطلَّب استشعار المستثمرين في قطاع النقل والمشرفين الحكوميين أهمية أن تكون الانطلاقة ناجحة بلا تعثُّر، خاصةً أنَّ المشروع يُعدُّ من المشروعات العملاقة غير المسبوقة. وأوضح أنَّ مبنى محطة القطارات الرئيس بمكة المكرمة يشتمل على صالة للقدوم وأخرى للمغادرة، ومسجد يتسع لعدد (600) مصلٍ ومركز للدفاع المدني ومهبط للطائرات المروحية، إلى جانب (10) أرصفة لوقوف القطارات وانتظار الركاب، وكذلك مواقف للسيارات تستوعب (500) سيارة، إضافةً إلى صالات لكبار الشخصيات، مُضيفاً أنَّ تكلفة إنشاء شبكة القطارات «المترو» في مكة المكرمة تبلغ (62) مليار ريال. وأشار إلى أنَّ هذه الشبكة ستُغطِّي مدينة مكة المكرمة بالكامل، مُضيفاً أنَّها تتكوَّن من أربعة خطوط «مترو»، حيث يصل مجموع أطوالها بعد اكتمالها ما مجموعه (182كم) و(88) محطة، وبالتالي فهي بذلك تُغطِّي مناطق التنمية الحالية والمستقبلية حسب المخطط الهيكلي لمكة المكرمة، موضحاً أنَّه سيتمُّ وفقاً لمصادر في أمانة العاصمة المقدسة إنشاء شبكة القطارات في أنفاق تحت الأرض ضمن المنطقة المركزية بطول (35.6كم) وعدد (21) محطة، وذلك على جسور معلقة خارجها لبقية الشبكة بطول (146.1كم) وعدد (67) محطة. ورش عمل وشدَّد أحمد فرحان الغامدي -عضو اللجنة- على أهمية عقد ورش عمل مع الخبراء والمتخصصين في النقل العام بهدف وضع التصور العام لكيفية إعداد منطلقات العمل مع بدء تشغيل محطات قطارات مكة المكرمة، إلى جانب توفير مركبات نقل عائلي، خاصةً أنَّ هناك حاجة كبيرة في مكة المكرمة لهذا النوع من المركبات. تحسين الأداء ودعا كلاً من حامد الجعيد وفارس براشي -مستثمرين في قطاع النقل- إلى تطبيق مشروعات الابتكار في النقل وإدارة الحشود، وذلك للوقوف على آخر الابتكارات في مجال النقل وإدارة الحشود ومعرفة أفضل الممارسات وأفكار المبتكرين وروَّاد الأعمال؛ لتحسين أداء نظام السلامة والاطلاع على الطرق الذكية، إلى جانب عرض كيفية تأثير هذه التقنية في تقليل الحوادث بشكل كبير وتقديم البيانات التي تساعد على حسن أداء نظام النقل، وكذلك السماح للمركبات بالتحاور مع إشارات المرور. مبادرة معاد ورسم مهتمون بالتاريخ المكي ملامح الحراك التجاري والاقتصادي في ظل الإفادة من المشروعات التنموية العملاقة في مركزية مكة المكرمة، المتمثلة بتوسعة الساحات الشمالية وتشغيل محطات القطار و»المترو»، وتهدف مبادرة «معاد»، وهي مبادرة أهلية ومؤسسة مجتمع مدني تحت التأسيس إلى تعزيز الهُويَّة المكيَّة والعناية بالآثار والمعالم التاريخية. وأكدت مبادرة «معاد» على أنَّ تطوير الجوانب الاقتصادية والاجتماعية هي مسؤولية مشتركه بين القطاعين العام والخاص، ودعت المبادرة إلى حصر وتحديد متطلبات المشروعات الكبرى من الكوادر، سواءً في مرحلة التنفيذ أو التشغيل والصيانة، إلى جانب حصر الإمكانات المحلية المتوفرة للتدريب والتأهيل وبيان الفرص الاستثمارية في مجال التأهيل والتدريب وما تحتاجه من ضوابط وتنظيم وتنسيق، وكذلك حصر الجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص، إضافةً إلى العمل على وضع خارطة طريق مرحليه لتهيئة الكوادر البشرية اللازمة لإدارة وتشغيل وصيانة مخرجات مشروعات التطوير. أسواق متخصصة ولفت د.فايز بن صالح جمال -رئيس فريق مبادرة معاد- إلى أنَّ هذه المبادرة الاقتصادية تهدف إلى إعادة توطين التجارة حول المسجد الحرام في مسارات مُنظَّمة، إلى جانب تخصيص المحال التجارية في المدعى ومصاطب الخدمات، وكذلك تمكين السكان المحليين بنسبة لا تقل عن (70%)، إضافةً إلى إحياء الأسواق المُتخصّصة ومكافحة التستر والفقر وتحقيق التعاون بين جميع المعنيين بتحقيق مفاهيم التنمية المستدامة. وأضاف أنَّ هذه الجهات المعنية تتمثَّل في إمارة منطقة مكة المكرمة وأمانة العاصمة المقدسة ووزارتيّ التجارة والعمل والهيئة العامة للسياحة والآثار والغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، موضحاً أنَّه يجب العمل من الآن على إعادة أسواق العطارة والقماش والبهارات والحلويات والذهب من البيوت المكية التجارية وفق تواريخ سجلاتها التجارية، في ظل التوسعة الجديدة ومحطات القطارات، مؤكِّداً على أنَّ مُبادرة «معاد» لا تتعارض مع مشروعات التوسعة العملاقة أو وظائفها الأساسية. سوق العمالة ونبَّه حسن عبدالشكور -مهتم بتاريخ مكة المكرمة- إلى تأثير مشروعات التطوير الكبرى في مكة المكرمة على سوق العمالة بهدف بيان أهمية البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية لاستدامة التنمية ومخرجاتها، وحتى لا تتحول مخرجات مشروعات التوسعة والتطوير الكبرى إلى مصدر للمشكلات الاجتماعية و»الديموغرافية»، التي تستنزف الموارد الاقتصادية لمكة المكرمة، في ظل عدم وجود مبادرة تختص بتطوير الكوادر البشرية. وتوقَّع أن ترتفع الكثافة السكَّانية في مكة المكرمة، مُضيفاً أنَّ ذلك يشمل المواطنين والمقيمين والعمالة الوافد، ما يعني الاهتمام من الآن بالجوانب البيئية ومراعاة كيفية حل أزمات الزحام المتوقع وارتفاع الطلب على إمكانات مكة المكرمة، مُشدِّداً على أهمية وجود إدارات فاعلة وكوادر مؤهلة في الصيانة والتشغيل، إمَّا بالاستقدام أو بالتدريب الوطني. مركز معلومات وقال م.محمد برهان –مستشار اقتصادي-: «إنَّ مكة المكرمة بحاجة إلى مركز معلومات يُحدِّد الاحتياج الفعلي من الكوادر البشرية لتشغيل وصيانة مشروعات مجمع الخدمات المركزية ومحطات القطارات والمترو وقطاع الفندقة والضيافة»، مُضيفاً أنَّ الحاجة تدعو إلى معرفة كيفية مواجهة مخرجات تلك المشروعات بكوادر مؤهلة، بهدف حث المتدربين والمبتعثين والمؤسسات المعنية بالتعليم التقني والتدريب المهني والجامعات والكليات. وأضاف أنَّ قطاع السياحة والفندقة سيكون من أوسع المجالات التي ستمتص الشباب وظيفياً، بيد أنَّه لا يوجد حتى الآن كلية للسياحة والفندقة بمكة المكرمة. معالم تاريخية وأكَّد عاملون في قطاع الإرشاد السياحي على أنَّ الحاجة باتت ملحة لتحقيق تطلعات ولاة الأمر في المحافظة على روحانية مكة المكرمة، وذلك بالمحافظة على ما تبقى من معالم تاريخية، وتنفيذ الأمر السامي القاضي بعدم إزالة أيٍّ من المواقع الأثرية والتراثية إلاَّ بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار. وأشار محمد خشيفاتي -رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة- إلى أنَّ المملكة تقع في المرتبة الرابعة على تصنيف الوجهة السياحية ضمن المؤشر العالمي للسياحة الإسلامية، وذلك من بين (40) وجهة، مع ارتفاع عدد المسافرين إليها في العام (2014م) إلى (10.2) ملايين مسافر، مؤكِّداً أنَّ ذلك يجعل من الأهمية بمكان العناية بترميم وتجهيز واستثمار المواقع التاريخية والأثرية بمكة المكرمة. وأكَّد فهد الوذيناني -مستثمر في قطاع السياحة- على أنَّ العاصمة المقدسة حاضنة لمئات المواقع الأثرية، التي يمكن أن تكون إضافة جيدة ووجهات حضارية أمام الزائرين من قاصدي بيت الله الحرام، الذين يسألون ويبحثون عن المتاحف والمواقع الأثرية والمساجد والقلاع التاريخية، التي يطلون من خلال نافذتها على تاريخ الإسلام القديم. إرشاد سياحي وبيَّن د.سامي برقة أنَّ مكة المكرمة بحاجة إلى تجهيز المرشدين السياحيين المحترفين، في ظل فتح المجال أمام (30) مليون معتمر وحاج لزيارة مكة المكرمة بمجرد انتهاء مشروعات التوسعة، من خلال تحرُّك هيئة السياحة والتراث العمراني بتهيئة قوافل المرشدين للعمل. وأوضح أحمد بن مساعد -مرشد سياحي- أنَّ قطاع السياحة والآثار حقَّق عائدات هائلة في العام (2014م)، إذ بلغت (145) مليار دولار، نتيجة أسفار (108) ملايين مسلم بين الدول الإسلامية، حيث يمثلون (10%) من الاقتصاد الكلي لقطاع السفر ضمن تقارير حديثة، مُضيفاً أنَّ التوقُّعات تُشير إلى نمو عدد المسافرين إلى (150) مليون مسافر بحلول العام (2020م)، وهو ما يُمثِّل (11%) من قطاع السفر. ويُتوقَّع لقيمة هذا السوق أن تنمو لتصل إلى (200) مليار دولار، وهو ما يتطلَّب إيجاد حل لتعثر قطاع الإرشاد السياحي ودعم شركات التنظيم السياحي ومنح هيئة السياحة مهمة الإشراف على قطاع العمرة، مع تحقيق وثبة جديدة للعمل السياحي تواكب المتغيرات التي طرأت على البُنية التحتيَّة لمكة المكرمة، وذلك من خلال الدفع بأقدم أربعة قصور تاريخية، وهي: قصور البياضة، الذي سكنه الملك عبدالعزيز بعد دخوله مكة المكرمة، وقصر أول وزير مالية في المملكة، إلى الترميم والتأهيل السياحي؛ لتكون جاهزة أمام قوافل الحجاج والمعتمرين، وحتى تسد الفراغ التاريخي لتحوّل هذه القصور من مواقع يلفها الغبار والعزلة إلى ميادين مفتوحة تحتضن الموروث المكيّ المُوغل في القدم؛ لتحقيق عدد من الأهداف العلمية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الإفادة من التجارب الدولية في الترميم والتهيئة والتشغيل السياحي، وكذلك إعادة تاريخ الصناعات والأكلات الشعبية والموروث المحليّ وروحانية مكة المكرمة القديمة من خلال هذه القصور.