بعد مرور عشر سنوات على قيام أربعة بريطانيين في لندن بأول تفجيرات انتحارية ينفذها اسلاميون متشددون في غرب اوروبا تعتزم بريطانيا سن قوانين جديدة ضد الارهاب يرى منتقدون انها تمثل عدوانا على الحريات وانها لن تفلح. وتسعى حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لتعزيز سلطاتها هذا العام حتى تحظر الجماعات "المتطرفة" وتغلق المساجد التي ازدهر فيها المتشددون وتوقف الاذاعات والقنوات التلفزيونية التي تروج للفكر المتطرف وتعطي الشرطة والمخابرات سلطات أوسع لمراقبة الاتصالات. ويقول الوزراء ان هناك حاجة ملحة لهذه السلطات للتعامل مع الخطر الذي تشكله منظمات مثل تنظيم "داعش" ومنع هجوم آخر بحجم تفجيرات السابع من يوليو تموز 2005 حين قتل أربعة مسلمين 52 شخصا في ثلاثة قطارات وحافلة. وقال وزراء إن الهجوم الذي وقع الشهر الماضي في تونس وقتل خلاله 30 سائحا بريطانيا أكد الحاجة الى الاجراءات التي وعد كاميرون بتطبيقها عقب فوزه في الانتخابات التي جرت في مايو ايار. لكن المقترحات تواجه معارضة كبيرة. وقال النائب ديفيد ديفيز الذي هزمه كاميرون في انتخابات حزب المحافظين عام 2005 "يمكننا أن نأمل في التعامل مع خطر التطرف من خلال التعامل فقط مع وجهات النظر المتطرفة هذه ومعارضتها والحاق الهزيمة بها من خلال الحجة." وأضاف "الدرس المستفاد من قرون من التاريخ البريطاني هو ان أفضل دفاع عن الحرية هو الحرية ذاتها وآخر شيء يجب ان نفعله ونحن نحاول الحاق الهزيمة بأعداء الحضارة الغربية هو التخلي عن أقوى أسلحتنا .. حرية التعبير." ووضعت بريطانيا في ثاني أعلى مستوى تأهب وهو "شديد" ويعني ان خطر الهجوم يعتبر مرجحا جدا. وأعلن كاميرون يوم الاثنين الما ضي انه تم احباط أربع خطط على الاقل خلال الأشهر القليلة الماضية بينما قالت الشرطة ان الاعتقالات ذات الصلة بالارهاب زادت بمقدار الثلث. وتقول الحكومة ان تنظيم "داعش" الذي سيطر على مناطق كبيرة من سوريا والعراق يشكل الخطر الاكبر وان نحو 700 بريطاني سافروا للانضمام اليه مدفوعين بما وصفه كاميرون بانها عقيدة مسممة. وقال للبرلمان "علينا ان نعطي الشرطة وأجهزة الامن الادوات التي يحتاجونها لاقتلاع هذا السم." وتتضمن خطط كاميرون التعامل مع التطرف الذي قال ان بعض مسلمي بريطانيا الذين يصل عددهم الى 2.8 مليون مسلم يغضون الطرف عنه كما تتضمن توسيع نطاق المراقبة. ويقول رؤساء الأجهزة الأمنية ان المراقبة ضرورية لكن في اعقاب ما كشفه المتعاقد الامريكي السابق ادوارد سنودن يتشكك كثيرون في الامر بل ان السلطات الرقابية قالت ان الحكومة فشلت في طرح أسباب مقنعة لقوى اضافية. وقالت البارونة سيدة وارسي الوزيرة السابقة في حكومة كاميرون وأول مسلمة تشارك في الحكومة البريطانية "سؤالي للحكومة هو كالتالي: هل ما تقدمه (الحكومة) سيساعد في محاربة التطرف ام انه سينفر المجتمعات التي نحتاجها تحديدا في الصفوف الامامية؟" ويتفق مع هذا الرأي مسلمون آخرون. وتقول بانا جورا من مجلس المرأة المسلمة في برادفورد بشمال انجلترا التي سافرت منها أسرة تضم تسعة أطفال الى سوريا في الآونة الاخيرة "لا يمكنك ان تدمغ كل أتباع دين واحد بناء على ما قام به شخص او اثنان وهذا ما يبدو انه حادث هنا." وأضافت "أعتقد أننا كمسلمين نصل الى نقطة بلغنا فيها حد السأم. هذا التشريع الهجومي المضاد للارهاب المتوقع تمريره لن يساعد في شيء." ويرى منتقدون انه بدلا من فرض حظر على الارهابيين يجب مقارعتهم بالحجة لفضح زيف منطقهم. وقال ايان بلير الذي كان مسئولا عن شرطة لندن وقت هجمات يوليو تموز عام 2005 للبي.بي.سي "اذا عزلنا انفسنا وامتنعنا عن التحدث مع بعض الناس ممن لا تعجبنا اراءهم لكن يستمع اليهم ملايين الشبان فهذه ستكون مسألة صعبة جدا بالنسبة لنا." وقال رشاد علي مدير مركز استشاري لمكافحة التطرف وعضو سابق في الحزب الاسلامي العالمي حزب التحرير الذي يطالب عدد كبير من اعضاء حزب المحافظين لكاميرون بحظره ان السعي لحظر "افكار تفتقر الى الليبرالية" وفي نفس الوقت الترويج لقيم ليبرالية هو توجه مغلوط. وقال لرويترز "هذه بالقطع ليست وسيلة للتحرك قدما انها خطوة تقهقرية للخلف."