×
محافظة المنطقة الشرقية

25 % زيادة في عدد زوار «ابن بطوطة مول» خلال رمضان

صورة الخبر

لا شك أن الهموم الوطنية والأحداث المتسارعة والمؤلمة التي يمر بها العالم العربي والإسلامي تؤثر بشكل مباشر على كل مناشط الحياة المحيطة، وفي مقدمتها النشاط الثقافي والفكري، لكن هذا التأثير وزواياه يختلفان من مكان لآخر حسب رؤية وفكر القائمين على المنشط أو الفعالية، فالمهرجانات الدولية التي تأخذ الطابع الفكري والفني، تحاول النأي بنفسها عن أي صراعات سياسية أو أيديولوجية وتحاول أن تركز على رسالتها الثقافية والإبداعية الإنسانية، وتحرص في هذا الإطار على إشراك كل التيارات والأفكار قدر المستطاع ولأقصى درجة ممكنة. ونحن على أعتاب أحد أهم المهرجانات الوطنية ثقافيا وهو"سوق عكاظ" نتطلع في هذا التجمع الثقافي العربي المهم، إلى الانطلاق إلى أفق عربي وعالمي أكبر، يمثل عراقة المكان ومكانة المملكة التاريخية والثقافية في العالم. ولعل أهم نقطة يمكن البدء منها، هي محاولة صياغة رؤية ثقافية مستقلة للمهرجان، تنظر للمبدع والمثقف العربي نظرة تتجاوز الخطوط السياسية والأيديولوجية، بحيث يكون ملتقى عربيا للجميع، يسهم في تحريك نقاشات ولقاءات شفافة وحرة بين جميع الأطياف الثقافية في العالم العربي، خصوصا تلك التي تتصارع على تفاصيل وهوامش صغيرة. فنجاح أي فعالية ثقافية هو بتنوع وربما تباين أفكار المشاركين فيها، مع التركيز على أصحاب الطروحات الجادة والموضوعية، فليس كل من أثار زوبعة، أو جدلا حول قضية هامشية تجاوزها الزمن هو مثقف ومفكر. الأمة العربية والإسلامية تمر بحالة اضطراب وضياع غير مسبوقة بسبب الصراعات والمطامع السياسية المتباينة، وهي تحتاج إلى المثقف المستقل الذي لا يتبنى لغة الإسفاف التي تزخر بها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي حاليا، وفي الوقت نفسه هذا المثقف صاحب رؤية تصالحية (لا مصالحية) مع نفسه ومع الآخرين، وصاحب مشروع نهضوي يجمع ولا يفرق بناء على ميل سياسي أو أيديولوجي، فلم يُفشل مشاريع الوحدة العربية والإسلامية منذ عقود إلا قوائم الحظر وتصنيف المثقفين، فكل مهرجان أو تجمع ثقافي عربي له وجوهه المكررة التي تتفق في كل شيء، وبالتالي لا تأتي للنقاش والحوار بقدر ما تأتي لتزجية الوقت والسياحة. كم أتمنى أن أجد تنوعا ثقافيا عربيا حقيقيا في سوق "عكاظ" أو غيره، يمثل جميع الأطياف والحركات السياسية والأيديولوجية العربية (طبعا باستثناء تلك التي تتبنى الإرهاب والقتل منهجا)، فربما خرجنا بنقاط التقاء أكثر من الاختلاف من خلال حوارات شفافة وحضارية، لا تشبه حوارات بعض الفضائيات العربية.