أكد استشاري الطب النفسي الدكتور أبوبكر باناعمة أن فوائد الصيام لا تتوقف على النواحي الغذائية الصحية بل تشمل الجوانب النفسية، فالصيام علاج نفسي سلوكي، ووقاية للخلل الذي يحدث للوظائف العقلية والنفس والسلوك، كما أن الصوم يحسن كفاءة مواد الناقلات العصبية التي تنتج في المخ عند حدوث الألم، وتعيد توازن مادة السيروتونين التي يسبب ارتفاعها الإصابة بالاكتئاب، بالإضافة إلى روحانية الشهر في أداء العبادات وصلاة التراويح والتهجد والتواصل الروحاني بالقرآن في تهدئة النفس وطمأنينتها. ولفت إلى أن للصوم آثارا سيكولوجية كثيرة يمكن لمسها في الرضا والطمأنينة بسبب الأثر الروحي للصوم، وما نلاحظه من زيادة إيجابية في العلاقات الاجتماعية خلال الشهر الفضيل، وكذلك بسبب تخفيف أعباء العمل الوظيفي، كما يتضح الأثر السيكولوجي على الصائم في هذا الشهر من مظاهر الفرح التي تعم جميع أفراد المجتمع، ويتضح أيضا في الصبر والامتناع عن الطعام والشراب خلال نهار رمضان الذي يؤدي إلى زيادة القدرة على الاحتمال، ويقوي من القدرة على مواجهة ومقاومة الضغوط الحياتية المختلفة، وهناك دراسة علمية أجراها رئيس وحدة الصيام في معهد الطب النفسي في موسكو، حيث وجد في نتائجها أن 70 في المائة من أصل 10000 مريض مصاب بالفصام (الشيزوفرينيا) عولجوا بالصيام، تحسنوا بشكل كبير واستعادوا قدرا كبيرا من نشاطهم الاجتماعي، وفي دراسة أخرى أجريت في اليابان على 382 مريضا يعانون من الاضطراب النفسي الجسدي الذي يظهر على شكل آلام مختلفة ومتعددة مزمنة في الجسم، وجد أنهم تحسنوا وخفت حدة الأعراض والآلام، وذلك بسبب انتظام عمل الجهاز العصبي اللاإرادي، وكذلك منظومة الغدد في الجسم، كما وجد الباحثون أن الصيام ينظم إفراز هرمون الأدرينالين، ما يخفف من حدة تأثيره في مرضى القلق والخوف والهلع. وأشار إلى أن الصوم يمنح الإنسان تدريبا عاليا وقدرة جيدة على التحكم في المدخلات والمثيرات العصبية مع القدرة على خفض المؤثرات الحسية ومنعها من مراكز الانفعال بالمخ، بالإضافة إلى أن الصيام ينمي القدرة على الضبط الذاتي الذي يلتزم به الصائم بيولوجيا ونفسيا وسلوكيا، مبينا بأن هذا الضبط والتدريب عليه تنشده كثير من طرق العلاج النفسي. وخلص إلى القول: إذا كانت الصحة النفسية تعني حالة أو نوعا من التوازن بين مكونات حياة الإنسان الروحية والنفسية والعقلية والجسدية والاجتماعية، فإن المتتبع للأبحاث والدراسات التي تحدثت عن أثر الصوم على الصحة النفسية يجد أنها تتحدث عن هذه الآثار بطريقة إجمالية، فمثلا يعمل الصوم على صفاء الذهن وتجنب الإرهاق الذهني والضغوط العصبية وتحسين القدرة على مواجهة المصاعب الحياتية والإجهاد المتكرر ويذهب الأرق ويحسن النوم ويخفض القلق والتوتر، كما يمنح الصائم القدرة على التحكم في النفس وضبط الشهوات علاوة على تقوية الإرادة والعزيمة والشعور بالمسؤولية والإحساس بقيمة الآخرين كما يعمل الصوم على تقوية الحس الداخلي ومراقبة النفس وتنمية الضمير.