في الوقت الذي بدأ فيه الاتحاد الأوروبي يتهيأ لوقفة دعم جادة للفلسطينيين من خلال قراره الصادر مؤخرًا بعدم سريان الاتفاقيات بين الجانبين الأوروبي والإسرائيلي على المستوطنات، فوجىء العالم بإعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الجمعة باستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية في واشنطن الأسبوع المقبل بالرغم من إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على رفض التفاوض على أساس حدود 67 وإصراره على مواصلة الاستيطان، الأمر الذي يتعارض مع مبادرة كيري، إلى جانب التقليل من أهمية قرار الاتحاد الأوروبي الذي كان يفترض أن يستغله الفلسطينيون في التمسك بشروطهم لاستئناف المفاوضات، لا شك أن أخطر ما يمكن أن تواجهه السلطة الفلسطينية في المرحلة المقبلة أن الكثير من التنظيمات وقطاعات الشعب الفلسطيني لا يحدوها أي أمل بجدوى تلك المفاوضات استنادًا إلى ما تجلبه المفاوضات المريرة مع إسرائيل على مدى 18 عامًا ونتائجها الكارثية عندما استغلتها إسرائيل لتوفيرالغطاء لمضاعفة الاستيطان وتهويد القدس وبناء الجدار الفاصل، بالطبع ليس لإنسان عاقل أن يرفض المفاوضات التي تعني ببساطة تحقيق الأهداف المرجوة دون قتال وإراقة دماء، كما أن السلام هدف إنساني حضت عليه كافة الأديان السماوية، لكن يستلزم الأمر أيضًا التمسك بالحقوق التي يكفلها القانون الدولي، والثوابت التي تتطلبها المصلحة الوطنية، وهو ما يعني وجود خطوط حمراء لا ينبغي للمفاوض الفلسطيني تجاوزها، أما وقد أذعن الفلسطينيون للشروط الإسرائيلية لبدء المفاوضات وأهمها عدم قيامهم بخطوات أحادية، وعدم التوجه للأمم المتحدة، فإن ذلك يعني التخلي عن أهم بدائلهم السياسية. كان ممكن للمفاوض الفلسطيني أن يكون في موقف أقوى فيما لو استغل الموقف الأوروبي الجديد وأصر على وقف الاستيطان، وفيما لو تمسك بمطلب رسائل الضمانات الأمريكية (المكتوبة)، وأيضًا -والأهم- التمسك بحل الدولتين على أساس حدود 67، وكان من الممكن أن يكون موقف المفاوض الفلسطيني أقوى أيضًا فيما لو تحققت المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية قبل بدء هذه الجولة الجديدة من المفاوضات، يمكن القول في المحصلة أنه بالرغم من أجواء عدم التفاؤل بإمكانية تحقيق المفاوضات الجديدة أي اختراق حقيقي على صعيد تحقيق حل الدولتين، إلا أنه لا بأس من تكرار المحاولة بشرط انسحاب الجانب الفلسطيني منها بمجرد الشعور بعبثية الجانب الإسرائيلي.