×
محافظة المنطقة الشرقية

رمضان شباب القطيف..« تلاوة» و«رياضة»

صورة الخبر

يُعد كتاب «دليل روتليدج للسينما والفلسفة» (من تحرير: بيزلي ليفينغستون، وكارل بلاتينيا -والمركز القومي للترجمة- ترجمة وتقديم: أحمد يوسف)، أول عمل شامل لدراسة العلاقة بين الفلسفة والسينما، وهو مهم لكل من يريد التعرف على أساسيات فلسفة السينما وجمالياتها، ويقع في أربعة أجزاء، حيث يتناول الجزء الأول «قضايا ومفاهيم»، تغطية مفصلة لأكثر الأسئلة والمفاهيم أهمية في هذا المجال. ويقدم الفلاسفة ومنظرو السينما الذين كتبوا هذه الدراسات في وجهات نظر منهجية وخلافية حول هذه الموضوعات الرئيسية، ومنها: التمثيل، والرقابة، ورسم الصورة، والنمط الفيلمي، والواقعية، والفُرجة والمشاهدة، والصوت، والسرد الروائي والتي تمد جذورها العميقة في تاريخ الأدب، لكن لم يتم تنظيمها أو تقديمها في شكل سرد تاريخي أو مناقشة تفسيرية كثيراً قبل الآن. أما الجزء الثاني «مؤلفون واتجاهات» فيقدم معلومات جوهرية في شكل تاريخ ثقافي ودراسات عن صانعي الأفلام كمؤلفين. وقد تم إعداد هذا الجزء لكي يقدم دراسات واضحة جازمة للآراء المختلفة الأساسية لأكثر الفلاسفة وأصحاب النظريات تأثيراً، والذين ساهموا في تقديم أفكار مهمة حول السينما مثل: رودولف آرنهايم، وأندريه بازان، وسيرغاي آيزنشتين، ووالتر بنجامين. بينما يتناول الجزء الثالث «أنماطاً فيلمية وأنواعاً أخرى» بعض تصنيفات الأفلام البارزة عند صانعي الأفلام، والجمهور، والنقاد، فضلاً عن المعلقين الفلسفيين. على رغم أنه لا توجد محاولة للتغطية الشاملة هنا، فإن الموضوعات تغطي معظم الأنماط والأنواع الفيلمية بروزاً، والتي أثارت الاهتمام الفلسفي. ويناقش الجزء الرابع من الكتاب أخيراً، «السينما كفلسفة» حيث يقدم عدداً من «دراسات الحالة» المُختارة، مركزاً على أفلام، وصُناع أفلام وتيمات فلسفية في الأفلام، مثل: إنغمار بيرغمان وفيلميه «بيرسونا» (1966)، و «الصمت» (1963)، وتيرانس ماليك وفيلميه «أيام الجنة» (1979)، و «الأراضي البور» (1973). وعلى رغم أن هذا الجزء لا يقدم تغطية تفصيلية لكل اللحظات الفلسفية المهمة في التاريخ المُعقد للسينما العالمية، فإنه يقدم أمثلة محددة للطرق التي يكون بها للأفلام مغزى فلسفي. كما أشار توماس أي وارتينبيرغ إلى أن القرن الـ21 شهد اعترافاً متزايداً من الفلاسفة ودارسي السينما بأن أفلاماً عديدة من مجموعة متنوعة من الأنماط الفيلمية والفترات التاريخية تستحق الاهتمام الفلسفي. وهناك أسباب لهذه النزعة منها زيادة تقنيات النسخ الرقمية باعتبارها تدعم التغير في ممارسات الفرجة التي تشجع على إنتاج الأفلام ذات المضمون الفلسفي. وأن تحشد فيها مضموناً صعب الاستيعاب من مرة واحدة للفرجة. وأياً كان مصدر المضمون الفلسفي للفيلم، يبدو استكشافه يعتمد إلى حد ما على السؤال حول إذا ما كانت السينما وسيطاً مُتاحاً لتقديم الأفكار الفلسفية، وقادراً على هذا التقديم. وهناك اختلاف حول أي قدر يمكن لمزيد من الأفلام القيام بالفلسفة. وعلى رغم أن البعض يعتقدون أن المساهمة الفلسفية للسينما محدودة بإثارة المشكلات الفلسفية في شكل مفهوم لجمهور السينما، آخرون يؤكدون أن الأفلام يمكن أن تتفلسف بالفعل، وأن الأفلام يمكنها أن تكون -باستخدام جملة ستيفن مولهول المحملة بالمعاني- «فلسفة في حركة». وفي ما يتعلق بأطروحة السينما باعتبارها فلسفة، فتقييم مصداقية هذه الفكرة يأتي من خلال طرح عدة تساؤلات منها: أن الأفلام تمكنها إثارة قضايا فلسفية. لكن ما الذي يجعل من قضية ما قضية فلسفية؟ مثال ذلك: لماذا يُعد فيلم «ماتريكس» 1999 مثالاً جيداً على فيلم يُثير مشكلة فلسفية، لأنه يجسد بحيوية فرضية الشك الجذري. وتجسيده لتلك الإمكانية أدى إلى قدر كبير من المناقشة بين الفلاسفة، لكن هناك أفلاماً عديدة أخرى أثارت مسائل فلسفية، مثل فيلم إنغمار بيرغمان «الختم السابع» 1956م، الذي يتساءل بوضوح عما إذا كان الله موجوداً، وكيف يصبح الإيمان مُمكناً في عالم يوجد فيه الشر. كما أن أفلام وودي آلن تطرح على المتفرجين أسئلة فلسفية عديدة، مثل جدوى أن يكون المرء أخلاقياً. وهكذا، فإن الأفلام المصنوعة في أزمنة مختلفة تماماً، وتنتمي إلى أنماط فيلمية مختلفة، يمكن أن نراها على أنها تثير أسئلة فلسفية. والمسألة الثانية في ذات القضية، هي أن فيلماً يمكن أن يحتوي فلسفة عندما يسجل قراءة في حجة فلسفية، لكن من المتفق عليه أيضاً أن ذلك لا ينهي الجدال حول موضوع السينما باعتبارها فلسفة، والفكرة هي أن الفيلم الذي يسجل لفيلسوف يقدم بشكل لفظي حجة فلسفية يمكن أن يُعتبر نموذجاً أصيلاً على الفلسفة في السينما، ومثال ذلك سلسلة محطة بي بي سي التلفزيونية «طرق الرؤية» 1974م والتي جعل منها جون بيرغر سلسلة تسجيلية لأفلام الحجة الفلسفية. ويشير مُحررا الكتاب إلى أن المشكلة الأهم في مجال علاقة الفلسفة بالسينما هي: كيف أن بعض الدراسات الفلسفية لا تكتفي بما يمكن أن نــــسميه «وصف الظواهر» بل تتحول إلى وضع «وصفات» للســـينما، والفلسفة هنا لا تحاول أن تجيــــب عن سؤال «ما السينما؟» بالبحث عما «يمكن» أن تكون عليه السينما، بل إن الفلسفة -من بعض وجهات النظر والمدارس- تحاول أن تقول ما «يجب» أن تكون عليه السينما. السينما ليست كياناً جاهزاً، بل هي كائن يتطور على كل المستويات، فإذا كانت السينما بدأت بإسقاط الصورة على الشاشة، فإنها أضافت لذلك اليوم تقنية العرض دون حاجة للإسقاط، مثلما يحدث في التلفزيون والكمبيوتر. كما أن هذه التقنيات غيرت من شروط المشاهدة والفُرجة، إذ لم تعد قاصرة على دور العرض الكبيرة، لتشمل اليوم الفُرجة الفردية المنفردة وأنت وحدك في المنزل مثلاً، هل الفيلم الذي نتفرج عليه بواسطة الكمبيوتر لا يصبح سينما، لأنه لا يفي بأنطولوجيا بعض النظريات السينمائية؟ وتأتي أهمية الكتاب الأساسية من العلاقة الغريبة بين الفلسفة والسينما، علاقة تبدو أحياناً حميمة، كما كان الحال في بداية نظريات السينما التي حاولت إعادة الاعتبار لفن جديد كان يُنظر إليه باعتباره تسلية لا ترقى إلى مصاف الفنون الأصيلة. لكن العلاقة بين السينما والفلسفة تبدو أحياناً أخرى علاقة خصومة، فالفلسفة تحاول في العادة صياغة إطارات صلبة للمفاهيم السينمائية، بينما السينمائيون يريدون هذه المفاهيم مرنة ومتدفقة دوماً بالحرية.