سلسلة من التفجيرات تمت الجمعة الماضية في كل من الكويت وتونس وباريس، أودت بحياة الكثير من الأبرياء الذين لا ذنب لهم ما بين مصلِّين يُؤدّون صلاتهم في أول جمعة من شهر رمضان المبارك، وما بين سيّاح قدموا إلى بلد كانوا يأملون أن يقضوا أجمل وأسعد لحظاتهم في ربوعه، ومع أن تنظيم داعش قد أعلن عن مسؤوليته عن تلك الانفجارات الثلاثة، إلا أنني أستبعد حدوث ذلك، وذلك لا يعني أن «داعش» منزّهة عن فعل مثل هذه الجرائم، بل هي تفعل أكثر من ذلك، لكنني أرى بأن لجوء داعش للإعلان عن مسؤوليتها عن أي حادث إجرامي يرتكب هو بقصد محاولة إضفاء هالة على ذلك التنظيم، ليُوهموا العالم أجمع بأنهم موجودون في كل بقعة من العالم، وفي تصوري أن تلك الأعمال الوحشية تقف خلفها بعض القوى المعارضة في تلك الدول في محاولة يائسة لضرب الأنظمة الحاكمة، والضغط عليها، ونشر الفوضى، وحتى تبعد الشكوك حولها فإنها تقبل بزعم «داعش» بأنه خلف تلك التفجيرات أو الاغتيالات. وعدد الخارجين على القانون في بلداننا العربية قياساً بتعداد السكان لا يُشكِّل نسبة مقلقة، ولم يصل بعد إلى ظاهرة مخيفة، لكنهم لا يتوانون عن ارتكاب أية جرائم متى ما سنحت لهم الفرصة، وهم لا يُفرِّقون بين مسلم أو غير مسلم، وبين مسجد أو كنيسة، وتدفعهم الشراهة في القتل إلى أن يستخدموا كافة الوسائل، وإن عجز عليهم استخدام السلاح، فهم جاهزون لتفخيخ أجسادهم بحزام ناسف، وهؤلاء هم من تسعى «داعش» لاستقطابهم حتى ولو بشرف الانتماء. لم نعد نقلق من تشويه أولئك لصورة الإسلام، فلقد أدرك الجميع خروجهم عن مبادئه السامية، ورأوا مشهد قتل أولئك الإرهابيين للمسلمين حرقًا وجزًّا للرؤوس، وأنهم لا يستثنون جنسًا، أو طائفة، أو ملة، وأن عبثهم وصل للمساجد أكثر من الكنائس، بعد أن استهدفوا الرُّكَّع السجود وهم بين أيادي الله. الأمر يقتضي من شعوبنا المستهدفة بهذه التفجيرات أن تتنبّه إلى ما يُحاك لها، وتسعى إلى تطويق نار الفتنة لتفسد على أعدائها مخططاتهم الإجرامية ونواياهم الخبيثة الساعية إلى تمزيق وحدة الصف بين أبناء البلد الواحد. والإسلام حرّم حتى قتل الرهبان في كنائسهم، فما بال قتل المسلمين في بيوت الله وهم ركعٌ سجدٌ؟!. hnalharby@gmail.com