يواجه بدر محمد أحمد الشحي علامات الاستفهام والدهشة على وجوه الأهالي القادمين إلى إحدى محطات الوقود في مدينة رأس الخيمة، حيث يعمل، بعد أن يشاهدوا ملامحه المحلية، ليكتشفوا أنه شاب مواطن، لم يبال ب ثقافة العيب، التي اخترفها مع آخرين من شباب الوطن، ليعمل في محطات الوقود، ممارساً مهام مختلفة، من بينها صب البترول في سيارات الزبائن، أو موظف ال فيلر، كما يطلق عليها في اللغة الإنجليزية، ويتداولها العاملون في المجال، بشعور ملؤه الفخر والثقة بالنفس، بعيداً عن أعباء التردد والخجل. يعمل بدر الشحي، 40 عاماً، وأقرانه من الشباب المواطنين، كما قال ل الخليج، تحت شعار (لا عيب بعد اليوم)، وذلك جنباً إلى جنب مع نظرائهم من العمال الآسيويين، وتحت أشعة الشمس ودرجات الرطوبة العالية صيفا، وهو يعني ثقافة العيب، التي تتفشى بين شرائح اجتماعية واسعة من أبناء الوطن، وتحول دون العمل في مهن محددة، تصنف بأنها دونية، أو مجرد الاقتراب منها، معتبراً، رغم ذلك، أن ثقافة العيب الاجتماعية آخذة بالانحسار في الإمارات خلال الأعوام الماضية، بفضل ارتفاع منسوب الوعي بين شباب الإمارات والأسر المواطنة، والتحديات الاقتصادية والمادية والاجتماعية، والارتفاع التدريجي في متطلبات الحياة وأعبائها. يسرد الشحي، وهو من منطقة جلفار الجولان في رأس الخيمة، مواقف تجمع بين الطرافة والدلالات الاجتماعية الفارقة، يواجهها منذ عمله في محطة الوقود، في وظيفة مشرف محطة سوبر فايزر، وممارسته دور (عامل تعبئة الوقود)، من بينها رفض بعض المواطنين أن يصب لهم البترول في سياراتهم بنفسه، بعد أن يكتشفوا أنه مواطن، ورغم إصراره على أداء عمله بنفسه، واعتذاره منهم، مؤكداً اعتزازه بعمله وتقديره لموقفهم ومشاعرهم، إلا أن بعضهم يحلف بالله ألا يفعل، قائلين: حاشى لله من أن يقبلوا بذلك، فيما يمعن آخرون من أصحاب السيارات من المواطنين في رفضهم بأن يصب لهم الوقود في مركباتهم بنفسه، مؤكدين أنهم سينزلون منها، ليصبوا الوقود بأنفسهم، على أن يسمحوا بأن يفعلها مواطن! من اليوميات، التي يعيشها الشحي، منذ أن عمل في محطة البترول قبل نحو 3 أشهر، وأخذ يبادر إلى ملء خزانات الوقود العائدة لسيارات الزبائن من الأهالي، من مختلف الجنسيات والهويات، حسب روايته ل الخليج، مواقف على طرف النقيض من سابقاتها، يملأ فيها الفخر والاعتزاز شريحة أخرى من أصحاب المركبات المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، من زبائن المحطة، حيث يعمل، بعد أن يكتشفوا هوية الموظف القادم لتعبئة خزان وقود سياراتهم، ويتبينوا أنه شاب إماراتي، معربين عن تقديرهم لعمله في هذا المجال. محمد الطنيجي، 38 عاماً، من منطقة الرمس، شمال مدينة رأس الخيمة، شاب مواطن آخر يعمل في محطات الوقود، ولا يتردد في أداء مهام ال فيلر، في تعبئة خزانات السيارات ب البترول، يؤكد اعتزازه بعمله الجديد، قائلاً: أخدم بلادي في كل موقع، وفي كل زمان ومكان، وأكد على رزقي ورزق عيالي، وهذا سبب للفخر، ويعكس الثقة بالذات. يوسف الظهوري، 29 عاماً، من منطقة شعم، أشار إلى سعادته بعمله، وقال: لا عيب مطلقاً في أن أحمل (خرطوم) تعبئة الوقود، لأملأ خزانات السيارات، معتبراً أنها تجربة ثرية في حياته العملية والشخصية.