السياسة الإيرانية مشبعة بروح البازار أو السوق، فالتاجر في البازار يريد منك أن تدفع أعلى سعر لسلعته، والتاجر في البازار لا يتعب ولا يمل من التفاوض؛ للحصول على أفضل سعر لسلعته، فالبازار جزء من الموروث الإيراني، اصطبغ وامتزج مع الثقافة الإيرانية. وقد شاهدت في مكة المكرمة وأنا في سن مبكرة الإيرانيين وهم يتفاوضون ويقضون وقتاً طويلاً في المفاوضات عند الشراء أو عند البيع، وذلك في فترة الحج لهذا، يجب الصبر والمثابرة ومعرفة الأسعار وأحوال الأسواق إذا أردت أن تحصل على سعر عادل. وهو ما يفعله الإيراني عند الشراء أو البيع، أو عند رغبته في الحصول على خدمة يحتاجها. كما أن تاجر البازار لا يتفاوض إلا بعد الحصول على المعلومات كافة، ويظل يناور ويحاور ويتفاوض ويثير أموراً بعيدة وقريبة من الموضوع؛ بهدف التشتيت لتضخيم المكاسب، لأن ذلك جزء من الموروث الثقافي الإيراني، علماً في معظم الأحيان لا ينتهي التفاوض عند إتمام الصفقة، بل يستمر ليشمل التوصيل والتسلم ونوعية التغليف وغير ذلك من طلبات لاحقة، ثم بعد ذلك طريقة السداد والعديد من الجوانب المالية والائتمانية. روح البازار تسيطر على السياسي الإيراني وعلى السياسة الإيرانية، فكل شيء قابل للتفاوض والتضخيم والتحسين والمناورة، وإظهار عدم الرغبة في إبرام الصفقة، والتأخير بهدف الحصول على أفضل النتائج، ومحاولة بيع حتى الهواء الذي لا يملكونه؛ للحصول على أعلى ثمن. وهناك مفاوضات قبل الصفقة وبعدها، ثم بخصوص تنفيذها وفي أثناء ذلك يفاوض مرة أخرى لتحسين مكاسبه. إن أزلام إيران كالحوثيين ونصرالله ومن دار في فلكهم، متشبعون ومؤدلجون بالفكر الإيراني، الذي يسيطر عليه روح البازار. لذا لكي تنجح التفاوضات معهم يجب الضغط ثم الضغط ثم الضغط؛ لأنهم لا يفهمون غير منطق القوة. وكلما زاد الصراخ وارتفعت الأصوات اقتربوا من الجدية، فالصبر والمثابرة والضغط وإيجاد البدائل وإظهار القوة الحقيقية والدخول في أدق التفاصيل وتحديد المفاهيم والإطار الزمني، هي الطريقة الأنجع في التفاهم مع الإيرانيين وأزلامهم. ما حدث في جنيف بين عصابة الحوثي وعلي عبدالله صالح من جهة والشرعية اليمنية من جهة أخرى، كان بالنسبة لي أمراً متوقعاً، في ظل ما شاهدته وما عاصرته من أحداث كان أحد أطرافها إيران. لهذا فإنه للوصول إلى تسوية عادلة في اليمن وتطبيق قرار الأمم المتحدة 2216 ومخرجات الحوار الوطني ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلياتها التنفيذية يتطلب الأمر مزيداً من الضغط الميداني ومزيداً من إيلام العصابة، حتى تسلم وتنفذ القرار الأممي والمبادرة الخليجية وجميع مخرجات الحوار الوطني.