كتب - سميح الكايد: وصف الخبير السياسي بمركز بروكينجز الدوحة الدكتور سلطان بركات اعتراض إسرائيل أمس بشكل عسكري لسفينة ماريانا التابعة لأسطول الحرية 3 التي كانت في طريقها الى قطاع غزة تقل ممثلي المنظمات المدنية العالمية لكسر الحصار الخانق على القطاع بأنها قرصنة بحرية يفترض أن يعاقب عليها القانون الدولي وأضاف أن الأسطول وإن لم يكن قد وصل بسفنه ومتضامنيه إلى شواطئ قطاع غزة، فإن رسالته وصلت بقوة إلى أرجاء العالم، مفادها أن الحصار لن يستمر، داعياً في الوقت ذاته العالم والمجتمع الدولي لأخذ مسؤولياته تجاه القرصنة الإسرائيلية في المياه الدولية". مشدداً على أن "استخدام إسرائيل للعنف في تعاملها مع سفن كسر الحصار إنما يكشف عن عدوانيتها للإنسانية وتخبطها في التعامل مع الأسطول". مذكرا هنا بالجريمة التي نفذت على سفينة مرمرة التركية لكسر الحصار والتي راح ضحيتها عدد من المشاركين في الحملة السلمية جراء العدوان الإسرائيلي عليها. جاء ذلك في معرض حديث ، تناول تلاحق الأحداث والتطورات بالمنطقة الشرق أوسطية حيث كان للدكتور سلطان بركات الخبير السياسي بمركز بروكينجز الدوحة وجهة نظر واضحة في ماهية هذه الأحداث وإرهاصاتها وتبعاتها وواقع الحال العربي الذي وجدت فيه هذه الأحداث حاضنة ملائمة لتناميها على نحو بات يعصف بالعديد من الأوضاع السياسية بل والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية فيها وبروز قوة في المقابل رغم هشاشتها الداخلية باتت تعربد بسياستها العنصرية في كل الاتجاهات وهي إسرائيل . وبالنظر الى تأزم الأوضاع بعد العدوان الإسرائيلي على غزة وعدم التزام إسرائيل باتفاقيات الهدنة، بخصوص قطاع غزة قال د. بركات بعد أن فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين في غزة في شهري يوليو وأغسطس من العام الماضي، بدا مستعدّاً للتعويض من خلال العمل على إعادة إعمار القطاع، ولكن رغم التعهدات بتقديم مساعدات تقدر بمليارات الدولارات، إلا أنّه بحسب التقارير، لم يصل القطاع من هذه المساعدات إلا 100 مليون دولار،وهذا ما يعادل 2 بالمئة من المبلغ الموعود ولم يتم إعادة بناء أي من المنازل البالغ عددها 96,000 والتي تضررت أو دمرت، ما يترك عشرات الآلاف من المتشردين يواجهون أوضاعا قاسية صيفا وشتاء،و لم يقم المجتمع الدولي إلا بالقليل للضغط على إسرائيل ومصر لتخفيف الحصار على غزة. وها هي المعابر الحدودية الإسرائيلية ما زالت مغلقة ولم تسمح إلا بعبور القليل من المساعدات، كما وأنّ قرار السلطات المصرية مؤخراً بفتح معبر رفح لمدة ثلاثة أيام قدّم انفراجاً مؤقتاً ليس إلا. وفي هذا الإطار قال ولا بد أن نذكر أنّ إسرائيل تفرض "مناطق محظورة" كمناطق أمنية عازلة - تمتد على مسافة 6 كيلومترات داخل مياه الصيد وكيلومتراً واحداً من الأراضي الزراعية على طول الشريط الحدودي - وهذه هي المناطق حيث غالباً ما تحدث فيها مآسٍ مروعةٍ وتكثر فيها حالات إطلاق نار من قِبَل جنود إسرائيليين على الصيادين وغيرهم من المدنيين ويتم قتلهم بدم بارد أوخطفهم واعتقالهم دون أي حراك من المجتمع الدولي أو دعاة حقوق الإنسان في الغرب والشرق . وحذر هنا من مغبة انفجار الوضع بسبب الحصار المطبق على غزة وقال وتمرّ الأيام والشهور وبالكاد نرى عملية إعادة إعمار تتم على الأرض هذا إن وُجدت في الأساس، ولا يزال إحباط الغزيين يتنامى. وبالتالي، من السهل جدا أن نتصور شرارة أخرى تشعل صراعاً آخر يؤدي إلى كارثة إنسانية أخرى، وندخل في دوامة عنفٍ لا نهاية لها لافتا هنا الى أن هذا التمادي الاسرائيلي والذي جاء بالأمس متمثلا في اعتراض سفينة سلام عالمية تقل نشطاء يدعون الى السلام وكسر الحصار عن غزة لم يكن لو كان هناك موقف دولي حازم لرده الإرهاب ووقف الممارسات العدوانية الإسرائيلية . وأعرب عن قناعته بأن الشعور باليأس والظلم دفع بالعديد من الشباب المسلمين في أوروبا وأمريكا الشمالية إلى التعبير عن غضبهم وخيبة أملهم إزاء النفاق الدولي وازدواجية المعايير في العالم الغربي بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهنا أعتقد أنه من المهم أن نتذكر، تحديداً بعد مجزرة تشارلي إيبدو، أن من بين الأسباب الرئيسية لسخط المسلمين ،في الغرب هو أن هناك عقودا من الظلم الذي تعرّض له الفلسطينيون على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام الدولية. وقال وفي حين اتخذت السويد وبعض دول أوروبا خطوةً شجاعةً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، حان الوقت لصرخة جماعية نردد فيها "أنا غزة"، وذلك من أجل أن تحفّز تجديد الجهود لدفع عملية إعادة الإعمار المتوقفة، وهذا من شأنه كذلك توجيه رسالة قوية مفادها أن أوروبا لا تتسامح مع استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال. وفي سياق متصل لخص الدكتور بركات في معرض حديثه لـ الراية واقع الحال بالقول نحن لايوجد لدينا رؤية استراتيجية كالتي لدى إسرائيل ولو كان لدينا رؤية لاستثمرناها عندما شهد مسار العلاقات الأمريكية الاسرائيلية في وقت ما نقطة تحول اتسمت بالتوتر الى حد ما بسبب مواقف نتنياهو السياسية المتعلقة بموقف واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي أثار غضب الرئيس الأمريكي وبلغ هذا الغضب حدته عندما ألقى نتنياهو كلمة في الكونجرس رغم عدم موافقة أوباما. وفي معرض تعقيبه على سؤال الراية حول رؤيته لواقع الحال السياسي مع بدء اقتراب الانتخابات الأمريكية والتي ترى فيه أوساط المراقبين إمكانية فوز هيلاري كلينتون وإمكانية أن تتخذ أمريكا موقفا حازما من سياسة إسرائيل العنجهية في عهدها القادم مع الانتخابات الرئاسية قال د. بركات في الواقع أن مسألة الرئاسة الأمريكية وتغيير الرؤساء لن تغير من واقع الأمر شيئا لأن هناك استراتيجية أمريكية ثابتة لاتتأثر كثيرا بمن هو الرئيس واذا حصل تغيير في الرؤساء فإن بعض الشيء قد يطرأ على كيفية إدارة السياسة الخارجية الأمريكية الثابتة تجاه المنطقة واسرائيل تحديدا فإذا فازت كلينتون أو غيرها لن يتغير الموقف والمتغير هو الإطار في الكيفية وليس الواقع لحال السياسة الخارجية فكلينتون كونها وزيرة خارجية سابقة لها خبرة أفضل وأكثر حنكة من أوباما في إدارة السياسة الخارجية. وعودة الى نقطة غياب الاستراتيجية العربية قال كان من الممكن لو كان لدينا استراتيجية فعلية كما الحال لدى إسرائيل لكان من الممكن استثمار التوتر الذي اعترى في مرحلة ما العلاقات الأمريكية الاسرائيلية وتجييرها لخدمة قضايا الأمة العربية ولكن للأسف لم يحصل هذا الأمر وغاب التحرك الدبلوماسي والإعلامي ولم يتم استثمار المسألة للمصلحة العربية وبدلا من ذلك دخل العرب في حروب ومشاكل داخلية وانشغلوا بمشاكل جانبية ساعدت إسرائيل في العمل على تقوية نفوذها وحضورها . وأضاف هنا قائلا كان من المفترض على الجانب العربي أن يفرض نفسه على مفاوضات الطاقة النووية الايرانية ولكن هذا الأمر لم يتحقق ولم يكن لنا كعرب أي حضور فعلي وقوي كما كان لإسرائيل وبدلا من ذلك كان الانشغال في مشاكل داخلية وبالتالي حاول أوباما إرضاء العرب عبر تقديم مبررات لمحادثاته مع إيران معربا هنا عن قناعته بضرورة قيام الدول العربية بقوة وضمن استراتيجية موحدة بمبادرة دعوة إيران لمفاوضات مباشرة دون تدخل أمريكي خاصة أن منطقة الخليج العربي تشكل عصب الحياة لإيران.