اليمن لن يعود بعد الآن كما كان .. لن يكون هناك يمن واحد في المستقبل المنظور .. مزقه الحوثيون والمخلوع علي عبد الله صالح .. فرَّق المتمردون البلاد والعباد ، أشاعوا القتل والتدمير ، أججوا مشاعر الحقد بين المواطنين .. وبرز إلى السطح أمراء حرب في مختلف أنحاء البلاد .. حتى تجمع الإصلاح الذي اعتقد البعض أنه القوة الثانية التي تبادل صالح المصالح معها وأتاح لها فرصة الإنتشار ، خاصة بعد مشاركتها في قمع الجنوبيين الذين ثاروا على ظلم صنعاء وأعلنوا الانفصال ، وأتاح لها تبني فرق عسكرية بسلاحها وعتادها ، تخاذلت عن الدفاع عن نفسها ، ودخل بعض قادتها في مفاوضات حول حجم حصتهم من ( الكعكة ) بعد إعادة الشرعية لليمن . وعندما دخل الحوثيون عقر دارهم ( تعز وإب ) وجدت الحركة أن حتى العسكريين الذين كانت تعول عليهم تحول معظهم إلى أداة لصالح والحوثيين .. نعم ، تمزقت اليمن ، وعجز الطيبون من أهلها عن الإلتفاف حول أنفسهم ، حيث أصبح البعض يبحث عن مصالح شخصية في وسط معركة دموية مأساوية .. وبرزت إلى السطح قيادات ميدانية تولت هي الدفاع عن أرضها وأهلها . فالقبائل الجنوبية والشمالية قضى عليها نظام علي عبد الله صالح بالمال وتمزيق أواصر القربى فيما بين عناصرها ، وكان الحزب الاشتراكي اليمني قد قضى على القبائل والقبلية في اليمن الجنوبي قبل ذلك بقتل وسجن زعمائها وتسليط الابن على أبيه وأضعف القيادات الروحية في حضرموت بسحل العديد من رجالاتها في الشوارع . اليوم هناك قيادات ميدانية جديدة بينما تسعى قيادات تقليدية للبحث عن دور لها في كل ما يدور . والمؤكد أن الجنوب الذي طالب في السابق بالوحدة مع اليمن ، تحول الآن في ظل مأساته وظلم الحوثيين وعملاء صـــالح له إلــــى مطالب بدولته المستقلة.. وإن كان ما يدور على أرض المعركة يدل على إنه حتى توقع قيام كيان جنوبي واحد لأبناء الجنوب متفائل جداً . فحضرموت تتململ بحثاً عن سبيل لإقامة كيان خاص بها ، وعدن ومحيطها تبذل التضحيات الغالية وتنير شعلة المقاومة بدماء أبنائها وبناتها ويرى أبناء لها أن مستقبلهم يكون في كيان خاص بهم ، وكذلك الأمر بالنسبة للمقاتلين في شوارع مدن وقرى يمنية أخرى . وضع اليمن مأساوي .. وهو مرشح للانقسام إلى كيانات متعددة . يأمل البعض في أن تكون ضمن دولة فيدرالية أو كونفدرالية ، إلا أن الغالبية العظمى من الجنوبيين لا يظهرون حماساً لذلك بل دولة مستقلة لهم . وسيأتي يوم سيجد الحوثيون أنفسهم وقد أعيدوا إلى منطقتهم بدون صالح وجنوده .. والتفاعلات الميدانية التي نشاهدها تدل على أن المقاومة الشعبية تنجح في كسب أرض المعركة على حساب الحوثي والمخلوع ، وقد تستقر الأمور للمقاومة الشعبية في عدن والضالع وعدد آخر من المناطق الجنوبية أسرع مما يتوقع البعض ، إلا أن هذا الإستقرار سيكون نسبياً ، كما أنه لن يعني انتهاء المعارك في المستقبل المنظور ، ولا عودة الكيان اليمني الواحد ، بل وربما ليس الجنوبي الموحد أيضاً . بل سيكون الأمر بداية لإعادة بناء مناطق قد تصبح جزءًا من كيانات جديدة نأمل أن تكون لها مظلة دستورية وقانونية ووعى شعبي تحميها مستقبلاً من مزيد من الفوضى والتمزق . ص . ب 2048 جدة 214511 adnanksalah@yahoo.com adnanksalah@yahoo.com