اثارت الروايات التي حيكت حول احمد منصور صحفي الجزيرة الغامض خلال اليومين من التوقيف قصص جديرة بمسلسل بوليسي لأن من طبيعة عمل مهنة الصحافة والاستخبارات حينما تلتقيان معا في غرفة واحدة تصبح بالفعل جديرة بمشروع مسلسل فما بالكم أن هذه المرة الصحفي المخضرم الشهير حسب وصف احبابه له احمد منصور المطلوب حيا أو ميتا عند السلطات المصرية بعد ان حكمت عليه غيابيا 15 عاما بتهمة مشاركته تعذيب محامي . وسواء كانت تلك القصة / القضية ملفقة او حقيقة فإنها لا تعنينا كثيرا فهي وفق الوضع القضائي والسياسي المصري مطلوب رأسه فلست منظمة هيومن رايتس ولا غيرها وانما باحث تستفزني كثيرا الحكايات الغامضة التي تقودنا نحو مغارة ديدالوس الاغريقية لهذا تفرغت خلال هذه الايام بقراءة وتمحيص وتشخيص ما نشرته وكالات الانباء والصحافة والقنوات الفضائية والبحرية واليوتيوبات لعلنا نجد تحت المياه ما تساعد مغامرة الباحث اصطياد اسرار اللغز . في لعبة توقيف سلطات امن المطار الالماني ببرلين احمد منصور وهو يغادر تجعلنا نفترض اسئلة كثيرة وفرضيات بحجم تعقيدات الامن والقضاء والساسة والدول خارج وداخل المانيا بل وحتى امين عام الامم المتحدة القلق دائما لم يصمت ففتح فمه في مسألة لم نر داع لشخص في منصبه ان يدس أنفه لأنه لم يفعل لناس آخرين اهم بكثير من احمد منصور ولكن ربما حماسه لقناة الجزيرة وما وراء الكواليس تجعلنا نبدأ باسئلة اعمق وابعد لكل منصب سياسي وتكنوقراطي في العالمبأنه قابل للانزلاق نحو الخطأ الدبلوماسي. سنعالج ملف احمد منصور بمنهجين وذهنتين لكون قضيته تحتمل الجانبين المهني والاستخباراتي لهذا سنعمل بمشرط الباحث والمباحث فلكل منهما اسلوبه وطريقته في تقصي المعلومة غير انهما يهدفان هدف واحد الوصول الى الحقيقة ودون شك السيناريوهات والافتراضات تصبح عديدة ولكننا نبقى في دائرة تتبع خيط ديدالوس في المغارة التي بدت حالكة مظلمة بحاجة لمشعل نار اولمبي . وبما ان ملف الصحفي اللغز ! حرك رمال الربع الخالي اعلاميا وثلوج القطب الشمالي سياسيا فإن توقيفه ليومين في المانيا وضعته الان ومستقبلا في خانة الانسان المريب والمشبوه مهنيا وهذه ليست رغبتنا وتصورنا ولكن بفعل الواقعة موضوعيا كحدث مزلزل في عالم الاعلام والسياسة فإنه بات بعد تلك القضية في ملفات العالم كلها مريب امنيا ويفتشون عن سؤال حقيقي واساسي هل توقيف منصور في المانيا كان بسبب مذكرة قضائية وانتربول مصرية ام بسبب تورطه أكثر بعد مقابلته التليفزيونية مع قائد النصرة وتنظيم القاعدة في سوريا محمد الجولاني كما حدث لزميله في اسبانيا تيسير علوني والذي حكم لسبع سنوات لتهمته بالاتصال بعناصر بارزة من القاعدة وقد ناضلت القناة ببسالة حتى تم استعادته لمكاتبها ومع ذلك التقى علوني قبل زميله منصور بالجولاني في مقابلة موجودة على اليوتيوب والتي نقرأ من خلالها خلفية الاسئلة وما يتوق له علوني وقناته التي تذهلنا بسبقها الصحفي الغريب !! . ولا استغرب أن لقاء منصور بالجولاني هي مرحلة جديدة من تطورات المرحلة السياسية في سوريا ليس لجبهة النصرة وانتصاراتها وحسب بل ولكل المشروع الخلاق في المنطقة كمشاريع رسم الخرائط وتدمير الحضارات وتفكيك دول وتعطيل مسيرة التنمية ليس بتدمير تدمر واثارها وانما بصياغة شعارات مثيرة ومفزعة انتجت صراع حضارات مؤدلج ومكلف ومستنزف للانسان والثروة في منطقتنا . لقاء اللغز منصور باللغز الاخر جيلاني بغياب لغز البغدادي والظواهري ينهي منصور بابتسامته الجذابة ! فرحه بأن العالم كان يود رؤية صورتك ايها القائد المتخفي العظيم . ولكن من سمع المقابلة اكتشف أنه شخصية باقل من مستوى المتوقع لقيادة مشروع اسلامي عظيم يناطح العالم اجمع !! وكان منصور سعيدا بأنه يكرر نجاحات عبد الباري عطوان وعلوني بلقاء صحفي قنبلة ! فهل كانت تلك المقابلة هي افيون وسم الثعبان القاتل للساحر المشعوذ وهو يتنطط بين جحور المقاتلين ويلملم اشلاء الموت ولماذا الآن لشمال سوريا لمقابلة الجولاني ؟! هل وحدها تلك المقابلة ما اثارت حفيظة الاستخبارات العالمية وهي تطارد الارهاب الدولي بعثورها على خاتم الشيطان الضائع فلعل احمد منصور يساعدها برحلة صيد ثمينة الى هناك .