كانت استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في العراق على امتداد العام الماضي صحيحة أكثر منها خاطئة، وبعد السقوط التراجيدي لمدينة الموصل ومناطق رئيسية أخرى يسيطر عليها السنة شمالي غرب البلاد في ربيع عام 2014، استخدم أوباما القوات الجوية لمساعدة الأكراد على مواجهة هجمات تنظيم داعش وللمساعدة في إتمام التحول الذي أتى برئيس الوزراء حيدر العبادي عوضا عن رئيس الوزراء نوري المالكي، ثم أدخل عددا لا يستهان به من المدربين الأميركيين للمساعدة في إعادة بناء الجيش العراقي الذي تفكك وفقد مصداقيته. كل هذه الخطوات اتخذت بالترتيب الصحيح، أولاً استخدام القوات الجوية في حالات الطوارئ للحد من تقدم عناصر تنظيم داعش، ومن ثم التحول السياسي الضروري لحمل الأكراد والسنة على دعم حكومة العراق المركزية، وأخيرا التدريب العسكري المطلوب للبدء بإصلاح الضرر الذي تسبب به المالكي للقوات العراقية على امتداد سنوات. تعثر الاستراتيجية الأميركية ولكن منذ الشتاء، تعثرت الاستراتيجية الأميركية الخاصة بالعراق، وأثبت التنبؤ السابق للجنرال لويد أوستن قائد القيادة المركزية الذي قال إن من الممكن استعادة الموصل خلال الربيع المقبل بأنه احتمال مبالغ به من التفاؤل، وربما يتم في غضون العام. والنجاح الذي تحقق في مدينة تكريت، والذي يعود في جانب منه إلى دور الدعم الإيراني للمليشيات الشيعية، تجاوزه السقوط الأخير للرمادي في الأنبار، وإجمالاً لم تظهر أي علامات على ضعف شبكة داعش في العراق، والتي لدى مقارنتها بسوريا فإنها تعتبر أسهل الجبهتين الأساسيتين اللتين يجب أن تقاتل فيهما أميركا وحلفاؤها التنظيم وتلحق الهزيمة به. ويعد إرسال مئات المستشارين الأميركيين إلى العراق ليضافوا إلى نحو 3 آلاف جندي أميركي في العراق لإتمام التدريب اللازم في الأنبار خبراً مرحباً به. وكان من المفهوم أن الرئيس الأميركي باراك أوباما المعارض دائما للحرب في العراق والحذر حيال إرسال القوات الأميركية إلى مناطق قتال رئيسية هناك سيسعى إلى خطوة في الحد الأدنى من أجل مساعدة العراقيين. ومن المرحب به أيضا تصريح الجنرال مارتن ديمبسي بأن الولايات المتحدة قد توسع نطاق جهودها قليلاً في الأشهر والأسابيع المقبلة. خطة مقيدة وبينما تعد تلك الإجراءات أمراً مفهوماً ومنطقياً على مستوى معين، إلا أن خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما تعتبر محصورة جدا، وعليه أن يتمسك بجوهر استراتيجيته وفي الوقت ذاته عليه أن يكثف من الدور الأميركي المتعلق بعدد القوات الأميركية التي ينبغي أن تتضاعف إلى ثلاثة أضعاف، بحيث تكون أقرب إلى المهمة الحالية في أفغانستان، حيث هناك 10 آلاف رجل يشكلون قوة أميركية تدعم القوات الأفغانية المسلحة التي تضطلع بنحو 95% من مجمل العمليات القتالية في البلاد، وهناك ثلاثة مخاطر رئيسية من حذر أوباما المفرط في العراق: أولاً، استراتيجيتنا تعرض مستقبل العبادي السياسي للخطر، فرئيس الوزراء العراقي يعد من أفضل القادة الذين يمكننا أن نتأمل تقلدهم هذا المنصب حاليا، وقال عنه نائب الرئيس العراقي السابق رافع العيساوي بأنه شخص جيد، وهذا الوصف يأتي أيضا على لسان العراقيين الذين يشككون في أدائه، وإذا نظر للعبادي على أنه غير مؤهل لمنصبه وسقط من منصبه فإن استراتيجية أوباما السياسية والعسكرية المعتمدة عليه قد تنهار بالكامل. ثانياً، بالنظر إلى ما ذكر آنفا، فإنه ليس لدى العبادي خيار إلا تحمل كثير من الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، وتعتبر هذه القوات حقيقة من حقائق الحياة في العراق لا يمكن إنكارها، وهي من ساعدت في عدم سقوط بغداد لدى تخطيط تنظيم داعش لذلك، وهي تعد أكثر القوات التي يعتمد عليها في مواجهة داعش أكثر من منظمات عراقية أخرى، ما عدا قوات البيشمركة. ثالثاً، الاستراتيجية العسكرية المتدرجة تعطي العدو وقتاً للتكيف، ففي حال تمكنت القوات العراقية التي تدعمها أميركا والقوات الجوية الأميركية من التوسع تدريجيا وتكثيف عملياتهما فإن داعش ستتعلم تكتيكات جديدة ،وستعالج بعض نقاط ضعفها، مثل أين تخفي قادتها ومراكزها في المدن. ضعف يشير محللون سياسيون إلى أن استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما الأساسية في العراق ليست عديمة الجدوى إلا أنها فاترة وضعيفة، وعليه فالمطلوب هو تفعيل أكثر من مجرد التدرج في الاستراتيجية العسكرية بتصعيدها إلى ضعف أو ضعفين خلال الأشهر المقبلة. وبينما تدرك الصدمة والرعب جيدا في العراق، فإن من غير الممكن إنكار الحقيقة العسكرية التي تضرب بقوة في البلاد وتمنع توازن القوى وتُوجد فرصاً لاستغلالها، ولهذا السبب يحبذ الخوض في أبعد من مسألة إضافة مزيد من القوات الأميركية في العراق ومزيد من المدربين وقادة القوات الجوية، فضلاً عن النشر المؤقت للقوات الخاصة .