تعرض أفي غاندي إلى أزمة مادية عنيفة، عصفت بحياته تماما، وتجسدت هذه الأزمة في تكاليف العلاج الباهظة التي تكبدها في أثناء مواجهة زوجته مرض السرطان. اضطر إلى إنفاق كل ادخاره ليرعى زوجته صحيا، لم يكن يملك تأمينا طبيا يغطي مصاريف العلاج الهائلة، اضطر إلى بيع بعض أثاث منزله ليدفع بعض الأقساط، وتأثر مصدر رزقه الذي يتمثل في دكان صغير من ظروفه المعقدة. فتراجع دخله كثيرا إثر عدم وجوده في المحل بصفة دائمة، وعدم قدرته على تأمين بضاعة جديدة. شعر بعض جيرانه في الحي بظروفه المادية الصعبة وتقهقره على كل الأصعدة. التأم عدد من سكان الحي لنجدته. بحثوا فيما بينهم عن آلية لدعم غاندي وزوجته. بعد بحث طويل توصلوا إلى قناعة واحدة، تتجسد هذه القناعة في دعم غاندي وانتشاله من هذه الحالة المزرية التي تكاد تقتلع كل ما تبقى في صدره من آمال. رأى جيرانه أن الدعم لا يكون مباشرا وماديا حتى لا يتأثر نفسيا وتخدش كرامته، فاتفقوا على أن يهبوا إلى مساعدته عبر شراء جل بضاعة محله. فعلوا ذلك فانغمس غاندي في نوبة بكاء طويلة. شفيت زوجته بفضل الله، وشفي من حزنه إثر توفيقه ــ سبحانه ــ ثم دعم الجيران الذين حوَّل تكاتفهم أزمته إلى ذكرى. بعد هذه التجربة النبيلة قرر جيرانه أن يؤسسوا مبادرة بعنوان: "لا حزين في حَيِّنا". تهدف هذه المبادرة إلى العمل على إيقاف نزيف أي أزمة مادية أو معنوية يتعرض لها أي ساكن في الحي عبر مبادرات غير مباشرة. بالفعل بدأت هذه المبادرة بالانطلاق، واقتفى أثرها كثير من الأحياء في ولايات أمريكية مختلفة، أسهمت في الحد من تفاقم كثير من المشكلات. لم لا نقوم بعمل مشابه في أحيائنا العربية؟ ألا يوصينا ديننا الكريم بالقيام بمثل هذه السلوكيات؟ أمامنا فرصة ذهبية لوأد كثير من التحديات والأزمات مبكرا لو عملنا معا. فلنعمل معا على تجفيف مصاعبنا. العمل الفردي لا يثير نقعا ولا صليلا. العمل الجماعي المؤسسي وحده الذي يصنع نجاحا مدويا. تذكر أن الأعمال العظيمة تنبع من فكرة صغيرة. اسقِ الفكرة لتصافح الثمرة.