غداة الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في تاريخها، قررت تونس أمس، إغلاق 80 مسجداً بسبب تحريضها على العنف، فيما تبنى تنظيم «داعش» الهجوم الذي استهدف أول من أمس، أحد فنادق منطقة سوسة السياحية، وأدى إلى مقتل 39 شخصاً، معظمهم بريطانيون. وارتكب المجزرة طالب تونسي ملقّب بـ «أبو يحيى القيرواني» بواسطة رشاش كلاشنيكوف كان يخفيه تحت مظلة، موجهاً ضربة موجعة إلى القطاع السياحي التونسي. وأعلن رئيس الوزراء الحبيب الصيد إغلاق 80 مسجداً «بُنيت من دون تراخيص قانونية وتُبَث فيها السموم للحض على الإرهاب»، مشيراً إلى فتح تحقيق في الهجوم. وقال في مؤتمر صحافي عقده فجر أمس، عقب اجتماع وزاري، إن الحكومة قررت «دعوة جيش الاحتياط لتعزيز الوجود العسكري والأمني في المناطق الحساسة والمواقع التي يهددها خطر إرهابي». ولفت إلى تكثيف حملات الدهم وملاحقة العناصر المشبوهة والخلايا النائمة ضمن إطار احترام القانون. وشدد الصيد على أن حكومته قررت «إعادة النظر في القانون المنظم للجمعيات، بخاصة تمويلها وإخضاعه للرقابة القانونية للدولة»، لافتاً إلى أن بعض الأموال يأتي أحياناً من جمعيات تساند نشاطات إرهابية. وأضاف أن «كل حزب أو جمعية لا تحترم المبادئ الأساسية للدستور التونسي ستُنبَّه وستُحَل إذا لزم الأمر»، في إشارة إلى «حزب التحرير» الذي يدعو إلى تأسيس دولة الخلافة. وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي دعا أول من أمس، لدى تفقده الفندق الذي شهد مجزرة السياح، إلى مراجعة الترخيص الذي منحته الحكومة إلى «حزب التحرير». وقال أنه «يرفع العلم الأسود ولا يعترف بالدولة التونسية». إلى ذلك، جاء في بيان على «تويتر» لجماعة «جند الخلافة» التي تنشط في الجزائر وبايعت «داعش»: «انطلق جندي الخلافة الفارس الغيور أبو يحيى القيرواني (اسمه سيف الدين الرزقي) مستهدفاً أوكاراً خبيثة عشعشت فيها الرذيلة والكفر بالله في مدينة سوسة». وأضاف البيان أنه رغم الإجراءات المشددة التي طوقت منطقة القنطاوي السياحية، تمكن الرزقي من الوصول إلى الهدف في فندق «امبريال مرحبا»، و «الله وفّقه للنكاية بالكفار نكايةً عظيمة أردت منهم قريباً من 40 هالكاً ومثلهم من المصابين، معظمهم من رعايا دول التحالف الصليبي التي تحارب دولة الخلافة». وكان سيف الدين الرزقي، وهو طالب في جامعة القيروان من مواليد عام 1992، قتل 39 سائحاً وجرح عشرات آخرين على الشاطئ قبالة الفندق ثم قتلته الشرطة. وفي وقت أعلنت السلطات التونسية أن معظم الضحايا بريطانيون، إضافة إلى بلجيكيين وألمان وفرنسيين، طلب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون من مواطنيه الاستعداد لاحتمال تأكيد «سقوط عدد كبير من البريطانيين بين ضحايا الهجوم الوحشي في تونس». وأعلن مساعد وزير الخارجية البريطاني توبياس ايلوود أمس، أن 15 من مواطنيه قُتلوا في الهجوم، مشيراً إلى أن العدد «قد يرتفع». وأضاف أن المجزرة كانت «أكبر هجوم إرهابي يتعرض له الشعب البريطاني» منذ تفجيرات 7 تموز (يوليو) 2005 في لندن. وغادر آلاف من السياح تونس أمس، على متن طائرات أرسلتها بلدانهم.