لم تضع «معركة القلمون» السورية التي بدأها حزب الله اللبناني قبل شهرين أوزارها بعد، بما أن هذه المعركة لم تحسم بعد لصالح الحزب ومن خلفه النظام السوري. غير أنها لم تعد أولويته في ظلّ احتدام المعارك في جنوب سوريا، وضعف الخاصرتين الجنوبية والشرقية للعاصمة دمشق، وكذلك في ظلّ ما يحكى عن معركة تحضّر لها المعارضة السورية لإعادة السيطرة على مدينة حمص الاستراتيجية وريفها الغربي الممتدّ حدود لبنان الشمالية وصولاً إلى قلعة الحصن وبلدة تلكلخ السورية. مواجهات القلمون وجرود عرسال التي كانت شظاياها تصيب الساحة اللبنانية بفعل تباعد المقاربات السياسية حول تداعيات هذه المواجهة على لبنان، غابت عن مقدمة النشرات الإخبارية لإعلام حزب الله. وباستثناء ما يعلنه الجيش اللبناني من حين إلى آخر عن استهداف مجموعات مسلحة على الحدود الشرقية وإحباط محاولات تسلل باتجاه الداخل اللبناني فإن المنطقة تبقي في دائرة الرصد. وهذا ما أعلنه الجيش اللبناني في بيان له أمس من أن «جنودا لبنانيين قتلوا اثنين خلال اشتباكات مع مسلحين كانوا يحاولون التسلل إلى بلدة عرسال في المنطقة الحدودية مع سوريا». ووفق مصدر أمني فإن «المسلحين أعضاء في جبهة النصرة، جناح تنظيم القاعدة، في الحرب الدائرة في سوريا». وتابع المصدر، أن «المسلحين كانوا يحاولون الوصول إلى عرسال عندما استهدفهم جنود الجيش، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم أحدهم سوري، بينما لم يتم التعرف على هوية الآخر». غير أن تكرار مثل هذه العمليات «لا ينبئ بتطوّر دراماتيكي على الحدود الشرقية حتى الآن»، بحسب ما قال مصدر عسكري لبناني، حيث وصف الوضع الراهن القائم حاليًا بأنه أفضل مما كان عليه من قبل. وأردف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «خط الدفاع الذي أقامه الجيش على الحدود الشرقية يجعل من اختراقه شبه مستحيل». وشدد على أن «ثمة ترابطا بين خطوط انتشار الجيش وتواصل محكم بين كل وحداته المقاتلة ونقاط تمركزه، بدءا بقوى المشاة إلى المدفعية ومضادات الدروع وبطاريات الصواريخ وغيرها». واستطرد: «لا شك أن الصورة ليست وردية وما يجري في الأراضي السورية القريبة من الحدود اللبنانية، يتطلب أقصى درجات اليقظة والتأهب وهذا ما يتخذه الجيش الآن في هذه المرحلة». في غضون ذلك، لا تبدو الصورة مغايرة على المقلب السوري من الحدود التي غابت عنها المعارك الضارية وباتت تقتصر العمليات فيها على اشتباكات محدودة لا تشهد تقدمًا لأي فريق على الأرض. وهذا ما أكده ثائر القلموني، مدير «مكتب القلمون الإعلامي» السوري المعارض للنظام، عندما تحدث عن «حصول اشتباكات متقطعة بين الثوار، أي جيش الفتح وجبهة النصرة من جهة، وحزب الله من جهة ثانية». وأفاد القلموني لـ«الشرق الأوسط»، بأن «مقاتلي حزب الله شنوا هجومًا في ساعة متقدمة من ليل الأربعاء/ الخميس بهدف التقدم في جرود فليطة السورية، فدارت اشتباكات عنيفة بينهم وبين الثوار أدت إلى سقوط عشرة قتلى من حزب الله من دون أن ينجحوا في تحقيق أي تقدم». وشرح أن «حزب الله عاجز عن التقدم حاليًا في القلمون، فهناك مساحات شاسعة في جرود فليطة وجراجير ما زالت تحت سيطرة الثوار». وفي غياب مقوّمات المعركة التي كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد أعلن بدءها مع تنظيم داعش قبل ثلاثة أسابيع، أشار القلموني إلى أن «خطوط التماس بين حزب الله و(داعش) موجودة في جرود رأس بعلبك، وحصلت مواجهتان محدودتان بين الطرفين، لكن لم تتطور الأمور بينهما إلى حرب مفتوحة». واتهم القلموني حزب الله بـ«محاولة توريط الجيش اللبناني في حربه داخل سوريا، وهذا ما يترجم باستهداف الجيش اللبناني لمواقع الثوار في جرود عرسال بواسطة طائرات استطلاع وصواريخ (هيلفاير) الأميركية الصنع».