من المتعارف عليه لدى الباحثين والدارسين أن سلوك المستهلك سواء كان فرداً أو مؤسسة وسواء كان إيجابياً أو سلبياً، لا ينحصر في الشراء فقط، بل أصبح علماً له تقنياته الحديثة وأساليبه، ويرتبط ارتباطاً مباشراً بعلوم النفس والاجتماع والاقتصاد والبيئة وغيرها. لا يتعلق سلوك المستهلك في شخص المستهلك فحسب، بل له أبعاد في تأثيره بالآخرين، وبكيفية استخدام المنتج، وكذلك بالمجال الإعلامي في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وبالدراسات المتعلقة بالسوق، وغير ذلك، وهناك عديد من التعريفات العلمية لسلوك المستهلك، ولكن يمكن القول بأن سلوك المستهلك هو مجموعة من الأفعال والتصرفات التي يقوم بها الفرد في موقف معين، وبحسب إمكاناته المتاحة والمعبر عنها بقراره في شراء المنتج الذي يتوقع أنه يشبع حاجاته ورغباته فيها (لحظة الشراء). إن الهدف عملياً من دراسة سلوك المستهلكين هو التعرف على كيفية حدوث السلوك الفعلي، بالإضافة إلى تحليل العوامل التي تؤثر على السلوك قبل حدوثه وبعد حدوثه فعلاً، ومما لا شك فيه فإن رجال التسويق الذين لديهم معرفة وإلمام وتفهم لطبيعة سلوك المستهلك هم الأقدر على تحديد ما يحتاجه المستهلكون الحاليون والمحتملون من منافع أو فوائد في السلع أو الخدمات المطروحة للتداول في الأسواق المستهدفة، وذلك من أجل تصميم المزيج التسويقي السلعي أو الخدمي المناسب. تبدأ عملية السلوك الاستهلاكي للفرد بمعرفة وإدراك احتياجاته، ثم يقوم بالبحث عنالمنتجات المختلفة التي تشبع حاجاته ليختار ويفاضل من بينها قبل ممارسة عملية الشراء، وتتضمن عملية النشاطات التي يمارسها المستهلك بعد استخدام المنتج تقييماً لمدى الإشباع والرضا عن المنتج، ثم عملية التخلص من مخلفات المنتج. يقول المهتمون بسلوك المستهلك: «إن الفلسفات التسويقية السابقة (الإنتاجية والبيعية) أثبتت فشلها وقصورها مع مرور الزمن، وذلك بسبب إهمالها دراسة سلوك وتصرفات المستهلك وتركيزها على طبيعة المنتجات وطريقة بيعها فقط، حيث إن عديداً من المنظمات التي تبنت هذه الفلسفات لم تستطع الصمود والمنافسة بسبب غياب الرابط بينها وبين أسواقها، والمتمثل أساساً في دراسة سلوك المستهلك، لذا وجب على المنظمة الراغبة في النجاح أن تسعى لخلق أنشطة تسويقية تُبنى على أساس تحليل سلوك المستهلك لتتلاءم وتتكيف معه بشكل يخدم مصالح المؤسسة ويحقق أهدافها، خصوصاً على المدى الطويل. تستخدم كلمة مستهلك لوصف نوعين مختلفين من المستهلكين أولهما المستهلك الفرد، وهو الذي يقوم بالبحث عن سلعة أو خدمة ما وشرائها لاستخدامه الخاص أو العائلي، وثانيهما المستهلك الصناعي أو المؤسسي الذي يضم جميع المؤسسات الخاصة والعامة، حيث تقوم هذه المؤسسات بالبحث أو شراء السلع والمواد والمعدات التي تمكنها من تنفيذ أهدافها المقررة في خططها واستراتيجياتها، وتجدر الإشارة إلى أن هناك فرقاً واضحاً بين المشتري والمستخدم حيث قد لا يكون الشخص المشتري هو نفسه المستخدم للسلعة أو الخدمة. ... المزيد