play pause mute unmute تعليمنا. وسيلة أم غاية؟ بقلم الكاتب / عبداللطيف الضويحي من يقود العملية التعليمية ؟ وهل يقود التعليم فعلا المجتمع؟ وفي أي اتجاه؟ هل تعليمنا أفقي أم أنه تعليم رأسي؟ هل لا زال المعلم يحتفظ بقيادة العملية التعليمية، بعد أن تخلى طوعا أو مكرها عن مرجعيته الإدارية والتربوية لصالح التقنية الحديثة والاتصال؟ أم أن الطالب تصدر المشهد التعليمي بسبب قدراته في التعامل مع وسائل التقنية والاتصال الحديثة وملاحقة مستجداتها بما يفوق قدرات أغلب المعلمين؟ أم أن المقررات بما تمثله من محورية موضوعية مدروسة هي ما يقود التعليم؟ أم أن التعليم أصبح أسيرا للتقنية الحديثة وما تفرزه شركات التقنية لأحدث المنتجات المتسارعة، أصبح معها المعلم والطالب مرتهنين للأحدث من تلك المنتجات بغض النظر عن أهداف العملية التعليمية؟ ثم هل التعليم غاية المجتمعات والدول أم هو وسيلتها للنهوض بالاقتصاد والثقافة والصناعة والتجارة؟ بدعوة كريمة من محافظ هيئة تقويم التعليم العام الدكتور نايف الرومي، شاركت مع عدد من الزملاء كتاب وكاتبات الرأي، في ندوة تناولت رؤية الهيئة وتوجهاتها وخططها وبرامجها المستقبلية، واستعراض المشروعات التي أطلقتها الهيئة منذ انطلاقتها، وقد حضر الندوة عدد من قيادات هيئة التقويم وخبراء التعليم. لم ينشغل المجتمع المحلي والرأي العام اليومي بقضية مثلما انشغل بالتعليم بأنواعه وبأقطابه وبمكوناته وأحداثه، وفي ظني أن ما تقوم به هيئة تقويم التعليم هو ما يلجم الأسئلة التي باتت متكررة ومقلقة حتى لصانع القرار. إن أكثر ما يثلج الصدر هو أن هيئة تقويم التعليم مستقلة عن وزارة التعليم وتقوم بعملها بمعزل عن أكبر سوق لمنتجاتها وبضاعتها المنتظرة. الهيئة تتجاوز بكثير ما يتبادر للذهن للوهلة الأولى من مسماها، فمناط بها بناء معايير لمناهج التعليم وتقويم أداء المدارس الحكومية والتجارية واعتمادها بشكل دوري، وتقوم ببناء الاختبارات الوطنية في كل مرحلة دراسية وتنفيذها، وإعداد المعايير المهنية واختبار الكفايات ومتطلبات برامج رخص المهنة للعاملين في التعليم، وتقويم البرامج المنفذة في مؤسسات التعليم العام وتراخيص عمليات التقويم في المؤسسات المختصة بالتتقويم والاعتماد، إضافة إلى نشرها دوريا لنتائج التقويم والاعتماد، يضاف إلى ذلك، دور الهيئة في بناء إطار وطني لمؤهلات التعليم العام، وبناء معايير لمراحل التعليم العام. فضلا عن مهمتها بإجراء الدراسات والبحوث في مجالها. من المهم أن تكمل الهيئة مسيرتها باستقلالية تامة عن الوزارة، فكثير مما تقوم به الهيئة حاليا سبق أن قامت بها الوزارة، وبسبب عدم الاستقلالية ولانعدام الشفافية، لم يثمر جهدها لا شعيرا ولا قمحا. لقد أحسنت الهيئة صنعا بإطلاق منصة «معلمونا» والتي أطلقها وزير التعليم وذلك لفتح الباب على مصراعيه للراغبين بالمشاركة بآرائهم حول وضع معايير مهنة التعليم وإعادة صناعة هذه المهنة وبلورة معايير واضحة للارتقاء بأقطاب العملية التعليمة. إن أكبر تحد يواجه العملية التعليمية في تقديري، هو أن طلابنا وطالباتنا بلا طموح وفي أفضل حال، لديهم طموحات متدنية جدا. هم يحضرون المحاضرات لمدة عام يروحون ويغدون ويؤدون اختباراتهم، لكن طموحاتهم لا تتجاوز إرضاء أهلهم، ليكونوا أعضاء مقبولين في أسرهم. أما ذكاؤهم الطبيعي فقد تم استبداله بالذكاء الصناعي من خلال الأجهزة الذكية التي تملأ أيديهم وتنام بها عقولهم وتنتهي إليها، فقتلت ما تبقى لديهم من طموح. التعليم ليس جزيرة معزولة عن بقية المؤسسات والقطاعات، والعاملون بالتعليم لن يخترعوا العجلة لكن بإمكانهم أن يضعوا العصا داخل العجلة وإعاقتها، يجب أن يتحرر التعليم من العشوائيات النفسية والاجتهادات التقليدية. يجب تهشيم القوالب التعليمية على غرار «القسم العلمي» و«القسم الأدبي»، ولابد من أن يتوسع التعليم ببلورة المهنة للطالب مثلما يتم بلورتها للمعلم ومنذ المراحل التعليمة الأولى. طالما أن المدرسة تقيم الجدران التي تفصل بينها وبين المجتمع، لا نستطيع أن نتحدث عن تعليم سوي وطبيعي. إن أسوار المدارس هي تعبير عن كمية المسافة الزمنية والمكانية والنفسية التي تفصل بين المدرسة والمجتمع، وبين المعلم والطالب، وبين قطاع التعليم وقطاعات الاقتصاد والثقافة والتنمية في المجتمع والدولة.