كان وائل بن حجر بن ربيعة بن وائل بن يعمر الحضرمي أبي هنيد - رضي الله عنه - أحد ملوك اليمن، فأراد إرسال الوفود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام الثامن للهجرة، ففرح الرسول بذلك وبشر أصحابه بذلك قبل أن يصل وائل، حيث قال لهم: «يأتيكم بقيّة أبناء الملوك». فلما وصل وائل استقبله النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورحب به، وابتسم في وجهه، وأجلسه على ردائه، ودعا له فقال: «اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده». وأكرم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وائل بأمور كثيرة، كان منها أن أقطعه أرضاً، فأرسل معه معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- لكي يوصله إلى تلك الأرض، فخرج معاوية يسير على قدميه حافياً خلف وائل وهو راكب بعيره، فاشتكى معاوية لوائل حر الشمس ووعورة الدرب وحدة الصخور، فقال وائل: انتعل ظل الناقة! فقال معاوية: وما يغني عني ذلك؟ لو جعلتني ردفا. فقال له وائل: اسكت فلست من أرداف الملوك. فمضت السنين، ودارت الأيام، واختلفت الليالي، وعاش وائل رضي الله تعالى عنه حتى أصبح معاوية رضي الله تعالى عنه ملكاً من ملوك الدنيا وأميراً للمؤمنين، فوفد يوماً من الأيام على معاوية في الشام، فعرفه معاوية، فرحب به وقرّبه وأدناه، وأجلسه معه على سرير الملك، وذكره بتلك الحادثة يوم أن قال وائل له: لست رديفاً للملوك. وعرض عليه معاوية هدية كبيرة فأبى أن يأخذها وائل وقال لمعاوية: أعطها لمن هو أحوج إليها مني. فقص وائل هذا كله على جلسائه ذات يوم، وقال لهم: وددت أني كنت حملته بين يدي. رحم الله تعالى خال المؤمنين وكاتب الوحي الأمين وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، الرجل العالم الحكيم التقي الورِع، الذي أَميز ما يُميّز سيرته هو التواضع الشديد وسعة صدره الرحبة، حيث ان كتب الأحاديث والتاريخ تزخر بتلك الخصلتين الطيبتين اللتين ساد بهما حتى أحبه الناس في مشارق الأرض ومغاربها. روى الإمام أحمد في (الزهد) وابن أبي عاصم بسند صحيح عن أبي حملة قال: «رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس وعليه قميص مرقوع». وفي تاريخ دمشق والبداية والنهاية قال ابن دريد عن أبي حاتم عن العتبي قال: قال معاوية: «يأيها الناس! ما أنا بخيركم وإن منكم لمن هو خير مني، عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما من الأفاضل، ولكن عسى أن أكون أنفعكم ولاية، وأنكاكم في عدوكم، وأدَرّكم حلبًا». «خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَامِرٍ، فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ». صححه الألباني. اللهم ارض عن جميع أصحاب نبيك صلى الله عليهم واسلم، واحشرنا معهم يوم الدين. roo7.net@gmail.com